حكم تدريس مكفوف البصر من الرجال للبنات

تسأل - سماحة الشيخ - عن حكم تدريس البنات من قبل الرجال مكفوفي البصر؟

الإجابة

لا حرج في ذلك أن يدرس مكفوف البصر للنساء، أو من طريق الآلة التي تسمعهم، ولا يرى من وراءها من النساء لا بأس بذلك، ولو كان بصيرا، فإذا درسهم بطريقة لا يراهم، أو من طريق المكفوف فلا بأس بذلك، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الإستئذان من أجل النظر). وقال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت قيس لما طلقت: (اعتدي عند بن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك). أخرجه مسلم في صحيحه. أما حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال، حديث نبهان عن أم سلمة أنه قال لابن أم مكتوم لما دخل عليه ذات يوم وعنده اثنتان من زوجاته قال: (احتجبا منه، فقالتا إنه لا يبصرنا فقال: ألستما تبصرانه). فهو حديث ضعيف؛ لأنه من رواية نبهان، ونبهان ليس بذاته، وليس ممن يعتمد عليه، ثم هو شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، مخالف لحديث فاطمة بنت قيس، ومخالف لحديث سهل: (إنما جعل الاستئذان من أجل النظر). وهو في الصحيحين. فالصواب أنه لا حرج في ذلك، وأن الكفيف لا بأس أن يراه النساء، ولا يلزمهن الإحتجاب، ولا مانع من تدريسه لهن، لكن ليس له أن يخلو بامرأة، الخلوة ممنوعة، ليس له أن يخلو سواء كفيفاً أو بصيراً، ليس له أن يخلو بامرأة ليست محرماً له، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما). فإذا كان التدريس لثنتين أو ثلاث أو أكثر فلا حرج في ذلك، أو كان معه شخصٌ آخر من محارم المرأة، أو من غير محارمها ممن لا يكون فيه تهمة فإن الخلوة تزول. والحاصل أنه لا يجوز التعليم الذي معه خلوة، أما التعليم لا خلوة فيه فلا بأس به. هل هذا الحكم لكل كفيف أم لنوع خاص من الأكفاء؟ لمن لديه علم، ولا يخشى منه الشر، أما من لا علم لديه، أو معروف بأسباب الفتنة والشر، أو يفتن به النساء، فلا ينبغي أن يكون معلماً لهن، ينبغي لولي الأمر أو لولي المرأة أن يراعي هذه الأمور، وأن لا يتولى ذلك إلا من لا تخشى منه فتنة. إذاً رغم أن الحكم كما تفضلتم بالجواز لكن له شروط؟ لابد من مراعاة ما قد يخشى منه. تتفضلون بإعادتها لأهمية الموضوع يا شيخ عبد العزيز؟. كون المكفوف يعلم المرأة هذا لا بأس به بشرط عدم الخلوة، وبشرط آخر وهو أن يكون ممن يعرف بالعلم والفضل، والسيرة الحميدة، وعدم تعاطيه أسباب الفتنة، أما إذا كان يخشى من شره لضعف إيمانه، أو لجهله، أو لأسباب أخرى، فنبغي أن لا يولى ذلك.