الجَهْر بالصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة

السؤال: ما حكم الصَّلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جماعةً وجهراً، مع رفع الأيدي؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:

فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم العبادات، وأكثرها أجراً.

ولكن؛ لا شكَّ أنَّ الصِّفة المذكورة في السؤال لم يرد بها كتابٌ ولا سُنَّةٌ، ولا نعلم أحدًا من السَّلف الصَّالح قال بها، ولو كان هذا الأمر خيراً لسبقونا إليه، ولو فعلوه لوصل إلينا؛ لتوفُّر دواعي نقله، فقد نُقِلَ من أفعالهم ما هو أخفى من هذا.

وكلُّ عبادةٍ تركها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته مع وجود المقتضي لها، وعدم المانع منها؛ فترْكُها سُنَّةٌ محمودةٌ، وفِعْلُها بِدْعَةٌ مذمومةٌ.

وقد عرَّف الإمام الشَّاطِبيُّ رحمه الله البِدْعَةَ بقوله: "البِدْعَةُ طريقةٌ في الدِّين مُخْتَرَعَةٌ، تضاهي الشَّرعيةَ، يُقْصَدُ بالسُّلوك عليها المبالغةُ في التَّعَبُّد لله سبحانه وتعالى".

وقوله: "تضاهي الشَّرعيةَ" يعني: تُشْبِهُ الطَّريقةَ الشَّرعيةَ، لكنها في الحقيقة مضادةً لها، وقد مثَّل الشَّاطبيُّ -رحمه الله– لذلك فقال: "ومنها (أي البِدْعَةُ الإضافيَّة): التزام الكيفيَّات والهيئات المعيَّنة، كالذِّكر بهيئة الاجتماع على صوتٍ واحدٍ"اه.

وقد حذَّرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من البِدَع؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هذا ما ليس منه؛ فهو رَدٌّ" (متَّفقٌ عليه من حديث عائشة رضي الله عنها). وفي روايةٍ لمسلم: "مَنْ عَمِلَ عملاً ليس عليه أَمْرُنَا؛ فهو رَدٌّ". وقال صلى الله عليه وسلم في حديث العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: "وإيَّاكُمْ ومُحْدَثَاتِ الأمور؛ فإنَّ كلَّ بِدْعةٍ ضَلالةٍ" (رواه أبو داود والتِّرْمِذِيُّ، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ).

فالواجب على السَّائل -وفَّقنا اللهُ وإيَّاه- أن يبتعد عن الذِّكر بهذه الصِّفة المُبْتَدَعَة، وأن ينصح إخوانه بالابتعاد عنه، وعليه بالالتزام بما ثبت في السُّنة المُطَهَّرة؛ ففيها ما يغني عن هذا وأمثاله من البِدَعِ الكثيرة المنتشرة.

ولمزيد فائدةٍ؛ يُرجى مراجعةُ فتوى (الذِّكْر الجماعي). 
هذا والله أعلم.