حكم من مات وهو لا يصلي

كان لي أخ قد وافاه الأجل وكان مستقيماً في سلوكه، أي لا يؤذي أحداً ولا يكذب ولا يرتكب المحرمات، وكل الناس يثنون على أدبه وخلقه، وكان محبوباً من قبل الجميع، ولكنه لم يكن يصلي ولا يصوم، علماً بأنه كان مطرباً أي يغني ولديه أغاني، ويستمر في سرد مثل هذا الوصف و

الإجابة

الذي لا يصلي حالته سيئة جداً، وقد اختلف العلماء في كفره: إذا كان يقر بأن الصلاة واجبة ويعرف أنها واجبة وفرض ولكنه يتساهل فلا يصلي، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه عاصٍ ومعصيته كبيرة أعظم من الزنا وأعظم من السرقة، ولكنه لا يكون كافراً بل تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه إذا كان موحداً مسلماً يعبد الله وحده، ويعلم أن الصلاة فريضة ولكنه يتساهل. والقول الثاني: أنه يكفر كفراً أكبر ولو أقر بوجوبها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، خرَّجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح؛ ولقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ ولأحادث أخرى جاءت في الباب. قال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل -رحمه الله-: (لم يكن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة)، يعني أن الصحابة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يرون أن الصلاة من الأعمال التي يكفر تاركها ولو لم يجحد وجوبها، وهذا القول أصح وأظهر دليلاً. فنوصيك أيها السائل أن لا تدعو لأخيك هذا ولا تتصدق عنه؛ لأنه في ظاهر حاله ليس بمسلم، ولا تدعو عليه أيضاً ولا تسبه، وأمره إلى الله، وأما قراءة القرآن: هل يلحق بالميت وينفعه؟ فهذا أيضاً فيه خلاف بين أهل العلم، من أهل العلم من قال: بأن القراءة تنفع الميت إذا قرأ عليه يعني إذا قرأ بعض القرآن وجعل ثوابها له. وقال آخرون من أهل العلم: ليس عليه دليل ولا يلحق؛ لأن القُرب والعبادات توقيفية فلا يصار إلى شيء منها إلا بدليل، ولم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن الصحابة ما يدل على القراءة للأموات، وحديث معقل بن يسار في سورة (يس) ضعيف، ولو صح لكان المراد به المحتضر، (اقرؤوا على موتاكم يس) يعني المحتضر الذي قد دنا أجله حتى يستفيد وحتى يتذكر، ولعل الله يحسن له الخاتمة، فالمعنى اقرءوا على المحتضر على من دنا أجله ودنا موته سورة يس، لكنه حديث ضعيف، وهكذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) رواه مسلم في الصحيح، معناه لقنوهم عند حضور الأجل حتى يختم لهم بها، وحتى تكون هذه الكلمة آخر كلامهم، وهي لا إله إلا الله، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)، وهذا يدل على أن معنى الموتى المحتضر (لقنوا موتاكم) يعني المحتضرين. وبذلك يعلم أن القراءة للموتى ليس عليها دليل، والأظهر عدم وصولها إليه، ولكنهم ينتفعون بالصدقة عنهم، بالدعاء لهم، بالحج عنهم، بالعمرة عنهم، بقضاء الدين عنهم كل هذا ينفع به بإجماع المسلمين، أما الصلاة عنهم، والقراءة لهم، فهذا لا يصل إليهم على الصحيح. - ينتفعون بتلكم الأعمال التي تفضلتم بذكرها إذا لم يكونوا تاركين للصلاة؟ ج/ إذا كانوا مسلمين. -ومن ترك الصلاة؟ ج/ ومن كان غير مسلم لا ينتفع، يكون حكمه حكم الكفرة، على الصحيح، نسأل الله العافية.