حكم شد الرحال لزيارة ما يسمى بقبور الأولياء!! وما يقال عندها من الشركيات

تقام زيارة بقبر لأحد الأولياء -كما يزعم العامة والله أعلم- واسمه: علي بن محمد الحبشي، وتُسمى هذه الزيارة بزيارة الحول، ويمكثون على قبره الموجود تحت قبة إحدى عشر ليلة، يصلون على المقابر حيث الإمام داخل المقبرة المحيطة بالقبة، ويمتد الجمع وخاصة المغرب والعشاء إلى مساحة خارج المقبرة، ويأمر الإمام من يصلي على المقبرة بفرش ردائه، وفي اليوم الثامن يجتمع الناس من الرجال والنساء حيث الاختلاط وانتهاك الأعراض حاملين ثوباً على النعش من بيت أهل الولي إلى تابوت قبر الولي بالقبة بالطبول والأناشيد، ثم يلبسون ذلك التابوت، مع العلم بأن التابوت مرتفع بقدر متر تقريباً، ويتمسحون بالثوب والتابوت والقبة، سائلين الولي قائلين: يا علي! يا علي! بما يُسأل الله به، وفي اليوم العاشر تكون الوقفة تشبهاً بالحج، يقفون في ذلك المكان وتُلقى الكلمات عن ذلك الولي وكرامته، وإذا نصحنا بعدم فعل ذلك وأنه من البدع والشرك قالوا: أنتم أهل البدع الخارجين عن اتباع السلف، وأنتم تكرهون الأولياء!! ما رأي الشرع في ذلك، وبما تنصحون هؤلاء؟ جزاكم الله خيراً ومتع بوجودكم.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فينبغي أن يعلم أن شد الرحال إلى القبور من المنكرات التي نهى عنها النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالرحال لا تشد إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وبيت المقدس، هذه المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، كما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، ثم الذهاب إلى ما يسمونهم بالأولياء للجلوس عند قبورهم وطلب المدد منهم، أو الشفاء، أو النصر على الأعداء، كل هذا من الشرك الأكبر، لأنه لا يجوز سؤال المخلوق، سواء سمي ولي أو ما سمي ولي، لا يجوز سؤاله ولا طلب شفاء المرضى منه، ولا طلب المدد، لأن هذا إلى الله -سبحانه-، ليس إلى الأولياء ولا إلى الرسل، ولا يطلب منهم هذا الطلب، ولا يتمسح بقبورهم ولا التبرك بها، ولو سموا أولياء، ولو كانوا صالحين، ولا كانوا أنبياء، لا يجوز هذا في القبور، وهذا هو عمل المشركين الأولين، وعمل أهل الجاهلية مع القبور، فالواجب على الإنسان الحذر من هذه الأمور، وألا يفعلوها وأن ينكروا على من فعلها من العامة، وألا يغتروا بما درج عليه الأسلاف والآباء من الشرك الأكبر، والبناء على القبور، واتخاذ القباب عليها منكر لا يجوز، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وكان -عليه الصلاة والسلام- يأمر بتسوية القبر إذا رفع ويأمر بتسويته، وأمر علي -رضي الله عنه- قال له: (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)، إلا سويته أي إلا نقضته وهدمته حتى يستوي بالأرض، ولا يبقى إلا علامة القبر، قدر شبر أو نحوه، هكذا شرع الله القبور، أن ترفع قدر شبر من الأرض حتى يعرف أنها قبور لا توطأ ولا تمتهن، ولا يبنى عليها لا قبة ولا مسجد ولا نحو ذلك، يقول جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنه- قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها)، فلا فرق بين قبر ولي، أو نبي أو غيرهما، ولا يجوز لأحد أن يتبرك بالقبور، أو يتخذها أعياداً، أو يسألها شفاء مرضى، أو المدد والعون أو النصر على الأعداء، أو البركة في الأولاد، أو في الطعام، أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز، وهذه الإقامة عند قبر هذا الشخص منكرة وبدعة ومن أسباب الشرك، سواء كانت إحدى عشر يوم أو أقل أو أكثر، وإنما المشروع للمسلم أن يزور القبور، فيسلم عليهم ويدعو لهم وينصرف، إذا كانوا مسلمين، يزورهم للسلام عليهم والدعاء لهم، مو طلب دعاؤهم من دون الله، لا، الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، لأنهم محتاجين للدعاء، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، رحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية)، وكان إذا زار القبور -عليه الصلاة والسلام- يقول: (السلام عليكم درا قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون وأتاكم ما توعدون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، وروي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه زار قبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه، فقال: (السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)، هكذا الزيارة الشرعية، السلام على المقبورين والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والعافية، أما أن يدعون مع الله، يقول اشفعوا لنا وانصرنا المدد المدد هذا منكر، ولا يجوز، هذا نفس الشرك الذي فعلته قريش وغيرها، فالواجب الانتباه واليقظة والحذر من أعمال الشرك، ثم النساء لا يزرن القبور، الرسول نهى عن زيارة القبور للنساء، ولعن زائرات القبور من النساء، إنما الزيارة للرجال، للقبور خاصة، يزورنها ويدعون لأهلها بالمغفرة والرحمة، أما النساء فلا يزرن القبور، والحكمة من ذلك والله أعلم، لأنهن قد يفتن أو يفتن، ولقلة صبرهن أيضا، فمن رحمة الله أن نهاهن عن زيارة القبور، ويكفي أن يدعون لأمواتهم في بيوتهن، ....... ويترحمون عليهم وهم في البيوت، لا حاجة إلى زيارة القبور، إنما الزيارة للرجال، ولهذا في الحديث الصحيح: (لعن رسول الله زائرات القبور)، فلا يجوز للنساء أو يذهبن إلى القبور، ولا يجوز للرجال أن يتوجهوا إلى القبور لقصد التبرك بالمقبورين، أو دعائهم، أو الاستغاثة بهم، أو طلب منهم المدد، أو الصلاة عند قبورهم، لا، هذا منكر، بل هو من المحرمات الشركية، والصلاة عند القبور بدعة، وإذا كان يصلي للميت ويطلبه من دون الله صار شركاً أكبر، نسأل الله العافية، فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور الشركية، ومن هذه البدع التي أحدثها الجهال، الذين ما فهموا الشريعة، ولا فقهوا فيها، ونسأل الله للجميع الهداية. سماحة الشيخ من خلال ما عرض على سماحتكم من الرسائل التي تصل إلى هذا البرنامج، ظهر ظهوراً واضحاً أن عالمنا الإسلامي مليء بأشياء وأشياء مخالفة للدين، من ذلك هذا التصور، ومن ذلك هذا التبرك بالقبور وبما يسمونهم بالأولياء وما أشبه ذلك، يبدو أن الأمر يحتاج إلى محمد بن عبد الوهاب من جديد؟ لا شك أن هذا يحتاج إلى مصلحين، يحتاج إلى دعاة الهدى الذين يتصدون لهذه الأمور بالدعوة إلى الله، وتبصير الناس وتوجيههم، وإلى أئمة وقادة يزجرونهم عن الباطل بالقوة، ويأخذون على أيدي السفهاء، ويلزمونهم بالحق، كما قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، ........ -صلى الله عليه وسلم- وفي مكة -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا كان الخلفاء الراشدون، وهكذا دعاة الإصلاح في كل زمان، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في زمانه، وابن القيم في زمانه، وأشباههم من دعاة الهدى، ثم جاء دور الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في القرن الثاني عشر، فقام بهذا الواجب ودعا إلى الله، وأرشد الناس إلى توحيد الله، وأنكر الشرك الذي يوجد في نجد، ثم في الحجار، أنكر ذلك ودعا إلى الحق، وهكذا أنصاره من العلماء والأخيار ومن دعاة الهدى في نجد والحجاز وفي اليمن قاموا بهذا الواجب، ونصروا الحق، ودعوا إلى الله -سبحانه وتعالى-، وأرشدوا الناس إلى توحيد الله، وحذروا من عبادة القبور والأشجار والأحجار، والجن، وهكذا كل مصلح يجب عليه أن يفعل هذا الأمر، بالدعوة إلى الله والتوجيه، وبالجهاد الشرعي والقوة التي تردعه، المجرم إذا لم يرتدع بالكلام فإنه يحتاج إلى الردع بالقوة، بالتعذيب بالسجن، بقتل المرتد إلى غير ذلك مما قام به نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وقام به خلفاؤه الراشدون، والأئمة بعدهم المهديون، والله المستعان. شيخ عبد العزيز، الكثير والكثير من المفكرين يثنون على المؤتمرات ويقولون: إنها تكون الرأي العام لدى الأمة، ما رأيكم لو عقد مؤتمرات همها التوحيد، الدعوة إلى توحيد الله؟ هذا من أهم المهمات، الدعوة إلى توحيد الله هي أهم المهمات، والتوحيد هو أصل الدين وأخلص الملة، فلو عقدت مؤتمرات بين وقت وآخر في بلاد المسلمين بين علماء الحق لإيضاح الحق وبيان هذا للناس، لكان هذا من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، ويكون المقصود الأول من عقد المؤتمر بيان حقيقة التوحيد، بيان معنى لا إله إلا الله، بيان ما بعث الله به الرسل -عليهم الصلاة والسلام- من تحقيق التوحيد وإنكار الشرك حتى يفهمه الناس، وحتى يعقله الناس الذين جهلوه في بلاد المسلمين وفي غيرها، هذا ينبغي أن يسعى فيه، وأن تبلى فيه الجهود؛ لأن فيه مصالح عظيمة، وأي مصلحة أعظم من مصلحة التوحيد، فهو أصل الدين وأساس الملة، أسأل الله أن يعين على ذلك، وأسأل الله أن يمن بذلك ولعلنا نستطيع شيئاً من ذلك ........ إن شاء الله. كدت أقول لماذا الشيخ عبد العزيز بن باز لا يتبنى هذه الفكرة؟ هذا من المهمات نسأل الله أن يعين على ذلك.