تفسير: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم}

السؤال: ما هو تفسير قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}؟

الإجابة

الإجابة: إن الله تعالى يقول للذين آمنوا: {يا أيها الذين آمنوا} فيناديهم نداء تشريف، ولا يدعوهم بذلك إلا إلى أمر ينفعهم، كما قال ابن عباس: "إذا سمعت الله يدعوك، فاعلم أنه إما إلى خير يقدمك إليه، أو إلى شر يصرفك عنه"، {عليكم أنفسكم} أي الزموا أنفسكم فأصلحوها، وهذا يقتضي حرص الإنسان على إصلاح نفسه ومجاهدتها، ويقتضي منه أن لا يجعل نفسه ربَّاً يحاسب الآخرين، وقد جاء التصريح بذلك في الحديث: "ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد"، {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}، بيَّن الله سبحانه وتعالى أن الإنسان إذا اهتدى فأدى ما أمر به وترك ما نهي عنه فإنه لا يضره فِعلُ الغير، لأن كل نفسٍ إنما تزر على نفسها، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، وقال: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى}.

وهذا يقتضي من الإنسان أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر، لأنه لا يمكن أن يكون مهتدياً ما لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر، لأن من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير مهتد، وقد قال تعالى: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، والاهتداء من شرطه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه"" فبيَّن الصديق رضي الله عنه أن هذه الآية لا تقتضي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، بل تقتضي القيام بذلك، لأن على الإنسان أن يفعل ما أمر به جميعا، ومنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله تعالى فإذا فعل ذلك لا يضره من أعرض ولم يستجب لدعوته.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.