حكم من لم يكفر الخارجين عن شريعة الإسلام

السؤال: شاع في كثير من الكتابات الصحفية جملة من المخالفات الشرعية المصادمة لأحكام الشرع المطهر، وفي الفترة الأخيرة تجاوزت تلك الكتابات إلى المساس بقاعدة الدين ومفاهيمه الكبرى، فقد نشر بجريدة الرياض عدد (14441) مقالة بعنوان: (إسلام النص، وإسلام الصراع)، قرر كاتبها أن من التشويه والتحريف لكلمة (لا إله إلا الله) القول باقتضائها الكفر بالطاغوت ونفي سائر الديانات والتأويلات، أو أن معناها: (لا معبود بحق إلا الله)، ونشر بالجريدة نفسها في العدد (14419) مقالة بعنوان: (الآخر في ميزان الإسلام) قرر كاتبها أن الإسلام لا يكفر من لا يدين به إلا إذا حال بين الناس وبين ممارسة حرية العقيدة التي يدينون بها. وزعم أن دين الإسلام خلافاً لرأي المتشددين لا يكفر من لم يحارب الإسلام من الكتابيين أو من أتباع العقائد الأخرى، بل عدهم من الناجين، فما قولكم في ذلك حفظكم الله؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، فإن من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للبشرية كلها، بل للثقلين الجن والإنس. فمن لم يقر بعموم رسالته فما شهد أن محمداً رسول الله، مثل من يقول: إنه رسول إلى العرب، أو إلى غير اليهود والنصارى.

ومقتضى عموم رسالته أنه يجب على جميع البشر الإيمان به واتباعه، سواء في ذلك الكتابيون اليهود والنصارى، أو الأميون وهم سائر الأمم، قال تعالى: {فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن. وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم. فإن أسلموا فقد اهتدوا. وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد}، وقال تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً}، وفي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة"، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ؛ يهودي ولا نصراني. ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".

ومن هذا الأصل أخذ العلماء أن من نواقض الإسلام اعتقاد أن أحداً يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن زعم أن اليهود والنصارى أو غيرهم أو طائفة منهم لا يجب عليهم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولا يجب عليهم اتباعه، فهو كافر وإن شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

وبهذا يتبين أن: (من زعم أنه لا يكفر من الخارجين عن الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم، إلا من حاربه)، أو زعم: (أن شهادة ألا إله إلا الله لا تقتضي الكفر بما يعبد من دون الله، والبراءة منه ومن عابديه، ولا تقتضي نفي كل دين غير دين الإسلام مما يتضمن عدم تكفير اليهود والنصارى وسائر المشركين)، فإنه يكون قد وقع في ناقض من نواقض الإسلام.

فيجب أن يحاكم ليرجع عن ذلك. فإن تاب ورجع، وإلا وجب قتله مرتداً عن دين الإسلام، فلا يغسل ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يرثه المسلمون، فنعوذ بالله من الخذلان وعمى القلوب، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

وإن من المؤسف المخزي نشر مقالات تتضمن هذا النوع من الكفر في بعض صحف هذه البلاد المملكة العربية السعودية؛ بلاد الحرمين. فيجب على ولاة الأمور محاسبة هذه الصحف على نشر مثل هذا الباطل الذي يشوه سمعة هذه البلاد وصورتها الغالية. وليعلم الجميع أنه يشترك في إثم هذه المقالات الكفرية كل من له أثر في نشرها وترويجها من خلال الصحف وغيرها، كرؤساء التحرير فمن دونهم كل بحسبه. فليتقوا الله وليقدروا مسؤوليتهم ومقامهم بين يدي الله، نسأل الله أن يهدي الجميع إلى صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.