حكم الصلاة في المكان الذي فيه صور

في منـزلنا توجد التصاوير، وأنا أعلم أن المنـزل الذي توجد فيه تصاوير لا تدخله الملائكة، وأعرف الأحاديث عن ذلك، وقلت للأهل وأكرر لكني أواجه منهم المعارضة، وقد غضبوا، فهل أكون آثمة بعد ذلك، مع العلم أن الغرفة التي أجلس فيها ليس فيها أي صورة؟ وجهوني جزاكم الل

الإجابة

الجواب الحكم مثلما ذكرت، فالصور محرمة، وهي صور ذات الأرواح من بني آدم أو الحيوانات الأخرى، أو من الطير، كلها محرمة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون) متفق على صحته، ولما رأى ستراً عند عائشة فيه تصاوير معلقة على بعض أبوابها غضب -عليه الصلاة والسلام-، وهتك الستر وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ)، وقال -عليه الصلاة والسلام- أيضاً لعلي -رضي الله عنه-: (لا تدع صورة إلا طمستها)، لما بعثه إلى المدينة، (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أيضاً أنه لعن آكل الربا، وموكله، والواشمة والمستوشمة، ولعن المصور، واللعن يدل على شدة الخطر وأنها من الكبائر العظيمة، فهذا التصوير من الكبائر العظيمة. وأنت جزاك الله خيراً قد نصحت الأهل وأنكرت المنكر، فقد أحسنت في هذا، وهذا هو الواجب عليك وعلى أمثالك لقول الله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ[التوبة: 71]، فدل على أن الواجب لا يختص بالرجال بل هو عام للرجال والنساء، هذا هو الواجب في إنكار المنكر والأمر بالمعروف يعم الجميع، وهكذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، خرجه الإمام مسلم في صحيح، وهذا أيضاً يعم الرجال والنساء، فإن لم يستجيبوا لك فأنت معذورة، ولكن عليك أن تستمري في النصيحة، ولا تملي ولا تيأسي، وعليك أن تشجعي، من فيه الخير من أهلك على مساعدتك في ذلك، وهكذا من ترين فيه الخير من الأقارب، تحثينه على إنكار هذا المنكر، وإذا كان غرفتك سليمة فالحمد لله، ونرجو أن تدخلها الملائكة لأنه سليمة، والصلاة في محل فيه صور، صلاة صحيحة، لكن فعلها في غير المحل الذي فيه صور يكون أولى وأفضل، لأن الصور قد تشوش على المصلي وقد تشغله عن صلاته، ولأن الصلاة في المحل المعلقة فيه الصور فيه نوع التشبه من عباد الأصنام، فيه تشبه بعباد الأصنام، فأقل الأحوال في ذلك الكراهة، لكن الصلاة صحيحة، وعليك أن تستمري في النصيحة، ونسأل الله لأهلك الهداية والتوفيق، ويستثنى من هذا ما تدعو الضرورة إليه فإن الإنسان غير ممنوع منه، كالذي يحتاج إلى التابعية، ولا يعطى إياها إلا بالصورة فإنه يعفى عنه في هذا للضرورة، إذا كان في حاجة إلى التابعية، ولم يتيسر أخذها إلا بصورة فإنه يعفى عنه للحاجة، وهكذا ما أشبه ذلك، كالشهادة العلمية التي لا تحصل إلا بذلك، مثل شهادة قيادة السيارات فإن الناس بحاجة إلى هذه القيادة، فإذا لم تتيسر القيادة والرخصة إلا بهذا فلا حرج، مثل تصوير المجرمين المعروفين بالإجرام، لكي يعرفوا حتى يقبض عليهم، وحتى ينفذ فيهم حكم الله، أينما وجدوا. وإذا قطع الرأس أو محي الرأس من الصورة زال حكمها، لما ثبت عند النسائي وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه وعده جبرائيل أن يزوره، فأبطأ عليه فخرج -عليه الصلاة والسلام- إلى خارج البيت، ينظر مجئيه فصادفه وقال: (ما منعك يا جبرائيل أن تدخل، قال: إن في البيت كلباً وتمثالاً وصورة في ستر فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- ماذا أفعل؟ فقال: اقطع رأس التمثال حتى يكون كهيئة الشجرة، وأمر بالستر أن يتخذ وسادتان منتبذتان توطئان، أمر بالكلب أن يخرج) فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قاله جبرائيل فوجدوا الكلب جروا تحت نضد في البيت للحسن والحسين فأخرج، وقطع الستر وجعل وسادتين، وقطع رأس التمثال، فدخل جبرائيل -عليه الصلاة والسلام-، فهذا يدل على أنه إذا كان في الصورة شيء يمتهن كالبساط والوسادة أو كانت بلا رأس قد زيل رأسها بالكلية وأزيل ما يكفي الخط بين الرأس والبدن، لا بد من إزالته بالكلية أو مسحه بالكلية حتى لا يبقى له صورة، فإنه إذا زال الرأس يعفى عن بقية الجثة، ولا تمنع دخول الملائكة.