وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اطلعت على الخطاب الموضح في بطن هذه الورقة المقدم من الأخ م
. ر . ح . بقلم الشيخ ع . ص . ع . حول حكم الفطر والقصر في حق الذين يسافرون من مسافات تعتبر سفراً إلى نخيلهم في قرية في أطراف الحجاز قرب وادي الفرع وأني أفتيتهم شفوياً منذ سنوات بأن لهم القصر والفطر مع كونهم يقيمون في نخيلهم ما بين شهر إلى شهر ونصف للمقياض وجذ الثمار وقد سمعوا من بعض الناس عكس ما أفتيتهم به
ورغبوا في التثبت في ذلك.
والجواب: قد كنت سابقاً أعتقد أن تحديد مدة الإقامة للمسافر في أثناء السفر ليس عليها دليل صريح من الكتاب ولا من السنة، وكنت أفتي على ضوء ذلك بجواز القصر والفطر للمسافر إذا أقام في أثناء السفر لبعض الحاجات ولو أجمع على إقامة أكثر من أربعة أيام، ولكني لا أذكر أني أفتيتكم في هذه المسألة ولعلكم صادقون فيما قلتم، ولكني أود أن أخبركم أني أخيراً أرى من الأحوط للمسافر إذا أجمع الإقامة في أي مكان أكثر من أربع أيام أن يتم ويصوم سداً لذريعة تساهل فيها الكثير من السفهاء بالقصر والفطر بدعوى أنهم مسافرون، وهم مقيمون إقامة طويلة، هذا هو الأحوط عندي سداً لهذه الذريعة، وخروجاً من خلاف أكثر أهل العلم القائلين بأن المسافر متى عزم على إقامة مدة تزيد على أربعة أيام فليس له القصر ولا الفطر في رمضان، والاحتياط في الدين مطلوب شرعاً عند اشتباه الأدلة، أو خفاءها؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))[1].
وقوله عليه الصلاة والسلام: ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه))[2].
وأسأل الله أن يوفق الجميع للفقه في دينه والثبات عليه إنه سميع قريب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] رواه أحمد في مسند أهل البيت حديث الحسن بن علي بن أبي طالب برقم 11689، والترمذي في صفة القيامة والرقائق والورع باب منه أي ما جاء في صفة أواني الحوض برقم 2452.
[2] رواه البخاري في الإيمان باب فضل من استبرأ لدينه برقم 52، ومسلم في المساقاة باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم 1599.
سؤال مقدم من المستفتي م.ر.ح لسماحته في 15/9/1398 ه - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الخامس عشر