الكلام على حديث (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا).

للدكتور يوسف القرضاوي كتاب الحلال والحرام، باب إبداء المرأة للزينة الظاهرة، روى أبو داود عن عائشة -رضي الله عنها- أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وقال لها: (يا أسماء! إن

الإجابة

سبق أن نبهنا على هذا الحديث، وبينا في حلقة سابقة بل في حلقات أن هذا الحديث لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه ضعيف جداً من وجوه كثيرة، وأن الواجب على من يذكره في أي كتاب أن يبين ضعفه، وأنه لا يصلح أن يحتج به؛ لأن في سنده انقطاعاً وضعفاً يوجب عدم الاحتجاج به وعدم الاعتماد عليه، وهو من رواية خالد بن دريك عن عائشة ولم يسمع منها، فهو منقطع والمنقطع عند أهل العلم لا يحتج به يسمى ضعيفاً، وفي إسناده رجل ضعيف يقال له سعيد بن بشير لا يحتج به أيضاً، وفي إسناده قتادة عن خالد وهو مدلس وقد عنعن هذه ثلاث علل، وعلة رابعة: وهي أن هذا الحديث لو صح لكان محمولاً على ما كان قبل الحجاب؛ لأن المرأة قبل الحجاب كانت تبيدي وجهها وكفيها ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..(الأحزاب: من الآية53)، وبقوله سبحانه-: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ.. (الأحزاب:59)، وبقوله سبحانه- في سورة النور: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ...الآية(النور: من الآية31) فليس لهن إبداء الزينة لغير المحارم، والوجه من أعظم الزينة، فعلم بذلك أن ذكر هذا الحديث من دون تنبيه على ضعفه وأنه لو صح كان قبل نزول آية الحجاب غلط، لكن ينبغي لمن ذكره إلا أن يبين ضعفه، وهناك علة خامسة: وهي أن مثل هذا العمل لا يظن بأسماء -رضي الله عنها- فإنها امرأة صالحة فقيهة معروفة وهي أخت عائشة الكبرى، وهي زوجة الزبير بن العوام حواري الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، فلا يليق منها بعد الحجاب أن تدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في ثياب رقيقة أو مكشوفة الوجه واليدين، فهذا مما يبين عدم صحة هذا الحديث وأنه لا أساس له، كما تقدم بيان ذلك وأنه معلول بعلل متعددة، والله أعلم. - إذن الأفضل للمرأة والحالة هذه أن تستر وجهها؟ ج/ هذا هو الواجب عليها، هذا الواجب عليها، الواجب أنه حجاب؛ لأن الوجه هو عنوانها الدال على جمالها أو على دمامتها، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت لما سمعت صوت صفوان يسترجع، لما رآها حين تخلفت عن الجيش قالت: (فلما سمعت صوته خمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب)، فعلم بهذا أنهم قبل الحجاب كانوا يكشفون الوجوه، أما بعد الحجاب فكانوا يسترونه.