المسائل الخلافية المعول فيها على الدليل

يردُّ بعض الفقهاء وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال بعدم انتشار ذلك بين الصحابة والتابعين، مع أنه مما لا يخلو منه بيت تقريباً فهو كالصلاة في وجوبها وتحديد أوقاتها وكذا الزكاة عموماً بوجوبها وتحديد أنصبتها ... ألخ ، وبالرغم من ذلك فقد ثبت عن بعض الصحابة القول بعدم الوجوب كعائشة رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما . فكيف يجاب عن ذلك ؟

الإجابة

هذه المسألة كغيرها من مسائل الخلاف المعوَّل فيها وفي غيرها على الدليل ، فمتى وجد الدليل الذي يفصل النزاع وجب الأخذ به ؛ لقول الله سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[1] ، وقوله عز وجل: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [2] . ولا يضر من عرف الحكم الشرعي وقال به من خالفه من أهل العلم ، وقد تقرر في الشريعة أن من أصاب الحكم من المجتهدين المؤهلين فله أجران ، ومن اخطأ فله أجر على اجتهاده ، ويفوته أجر الصواب . وقد صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحاكم إذا اجتهد ، وبقية المجتهدين من أهل العلم بشرع الله حكمهم حكم الحاكم المجتهد في هذا المعنى . وهذه المسألة قد اختلف فيها العلماء من الصحابة ومن بعدهم كغيرها من مسائل الخلاف ، فالواجب على أهل العلم فيها وفي غيرها بذل الوسع في معرفة الحق بدليله ، ولا يضر من أصاب الحق من خالفه في ذلك ، وعلى كل واحد من أهل العلم أن يحسن الظن بأخيه وأن يحمله على أحسن المحامل ، وإن خالفه في الرأي ما لم يتضح من المخالف تعمده مخالفة الحق . والله ولي التوفيق .
[1] سورة النساء ، الآية 59 [2] سورة الشورى ، الآية 10