هل في حديث أسألك مرافقتك في الجنة حجة للقبوريين

حديث يحتج به القبوريون على استغاثتهم بأوليائهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل! فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك؟ فقلت: هو ذا! فقال: فأعني على نفسك بكثرة السجود -أو كما قال-، نرجو منكم شرحاً وافياً حول هذا الموضوع، وهل يصلح استدلالاً للقبوريين؟

الإجابة

ليس في هذا حجة للقبوريين؛ لأنه سأله صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة بالعمل الصالح الذي يؤدي إلى هذا الخير، فالمعنى: أسألك مرافقتك في الجنة بإرشادي إلى أسباب ذلك، والرسول لا يملك ذلك إلا بإرشاد الشخص إلى الأعمال الصالحة، فإنه صلى الله عليه وسلم أمره الله أن يخبر الناس، فقال: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ (188) سورة الأعراف. قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) سورة الجن. هو لا يملك ضر أحدٍ ولا رشده ولا هدايته، إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (56) سورة القصص. لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (272) سورة البقرة. فالمعنى: أسألك أن ترشدني إلى الأسباب التي تجعلني رفيقاً لك في الجنة؛ ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أعنى على نفسك بكثرة السجود) يعني بكثرة الصلوات التي تجعله أهلاً لأن يكون رفيقاً للرسول في الجنة، وفي رواية أحمد قال: أسألك أن تشفع لي، قال عليه الصلاة والسلام: (أعنى على نفسك بكثرة السجود)، فالمعنى أعني على الشفاعة لك في دخول الجنة بأن تكثر من الصلاة، فهذا يدل على عظم شأن الصلاة وأنها من أسباب دخول الجنة، وأن يكون صاحبها رفيقاً للرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، وليس في هذا حجة إلى أن الرسول يملك إدخال زيد الجنة أو منعه من ذلك، والقرآن نص على هذا، والرسول نص على هذا، والقرآن قال عنه صلى الله عليه وسلم: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ (188) سورة الأعراف. قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) سورة الجن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بيته: (يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله فإني لا أغني عنكم من الله شيئا). والله صرح بهذا فقال: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (56) سورة القصص. وقد حرص على هداية عمه أبي طالب حين مرضه ودعاه إلى أن يقول لا إله إلا الله فأبى أبو طالب ومات على دين قومه، ولم يستطع هدايته. تنبيه: وقع في سؤال السائل الذي قبل هذا: شاءت إرادة الله، فلا ينبغي هذا التعبير فلا يقال: شاءت إرادة الله، ولا شاءت قدرة الله، ولكن يقال: شاء الله سبحانه كذا وكذا، شاء الله كذا وكذا، قدر الله كذا وكذا، هكذا ينبغي، لأن الإرادة والقدرة ليس لها مشيئة، المشيئة لله وحده سبحانه وتعالى، وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ (112) سورة الأنعام، (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن).