حكم التقرب بالأولياء والاستغاثة بهم وتقديم النذور إليهم

سمعت أن للأولياء منزلةً عند الله - عز وجل -، فإذا طلب الإنسان حاجةً وتقرب إلى الله بهم يستجاب له، وتأكدت من هذه الحالة بنفسي وذلك عندما أصبت في يوم من الأيام في موقف حرج وتقربت بأحد منهم إلى الله استجاب الله لي ، فهل يجوز لي أن أتقرب بهم إلى الله ، واهدي لهم النذور ، أفيدوني أفادكم الله ، وما جوابكم على ما حصل لي؟

الإجابة

هذا فيه التفصيل ، أولياء الله لهم منزلة عند الله، ولهم فضل ، ولهم مقام عظيم ، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ [سورة يونس(62)(63)]. هؤلاء هم أولياء الله: أهل الإيمان والتقوى ، الذين عبدوا الله ، واستقاموا على دينه، وعظموا أمره ونهيه وانقادوا لشريعته ، وهم الرسل وأتباعهم ، لهم مقام عند الله عظيم. أما سؤالهم والاستغاثة بهم والنذر لهم فهذا منكر ، هذا من الشرك ، فلا يجوز دعاؤهم ، ولا سؤالهم ، ولا التقرب إليهم بالنذور ولا بالذبائح، بل هذا حق الله ، هذه عبادة الله ، قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ [(5) سورة البينة. وقال عز وجل: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [(5) سورة الفاتحة]. وقال سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [(14) سورة غافر]. وقال: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [(18) سورة الجن]. فالواجب إخلاص العبادة لله وحده ، فلا ينذر إلا له، ولا يستغاث إلا به ، ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يتقرب بالنذور والذبائح إلا له - سبحانه وتعالى-، لا للأموات من الرسل ، ولا من المؤمنين ، ولا من غيرهم ، ولا للأصنام ولا للأشجار والأحجار ، بل العبادة حق الله وحده. أما كونكِ دعوت أحد الأولياء، وطلبت منه بعض الحاجة ، وتوسلت إلى الله ببعضهم ، فهذا فيه التفصيل : أما كونه قضيت حاجتك فقد يكون هذا من باب الابتلاء والامتحان ، صادف القدر ، وهذا امتحان لك وابتلاء ، فقد تنتبهين للأمر وقد لا تنتبهين. أما التوسل بهم بجاههم وبمحبتهم فهذا فيه تفصيل : أما الجاه فلا يشرع ، أسألك بجاه فلان، أو بحق فلان هذا غير مشروع ، هذا بدعة. أما التوسل بحبهم ، بحب أهل الإيمان ، فهذا طاعة لله، حبهم حق ، فإذا قال المؤمن أو المؤمنة: اللهم إني أسألك بحبي لأوليائك ولرسلك وإيماني بهم فهذا لا بأس ، وأما دعائهم فلا يجوز ، فلو قال : يا سيدي يا رسول الله أغثني ، أو : يا أبا بكر أغثني ، أو : يا عمر أغثني ، أو اشفني ، فصادف أنه شفي من مرضه فليس هذا من أجل هذا الدعاء ، بل هذا وافق القدر الذي قدره الله أنه يشفى فقد يظن هذا المريض أنه بأسباب دعاءه، أو هذه المريضة وهذا ليس بسبب ذلك، لكن صادف القدر وكان بلاءً وامتحاناً، فالواجب الانتباه، وأن ينتبه المؤمن والمسلم لهذا الأمر، ولا يظن أن الولي هو الذي شفاه، بل الله الذي يشفي سبحانه وتعالى، كما قال عن خليله إبراهيم: وإذا مرضت فهو يشفين. هو الذي يشفي جل وعلا، وهو الذي يقضي الحاجات لعباده لأن يكتب لهم الشفاء، وهداهم العلم . إلى غير ذلك، أما المخلوق الحي الحاضر القادر تطلب منه حاجة يقدر عليها، هذا لا بأس، ليس من الشرك، تقول لأخيك أو لصديقك أعني على كذا بكذا وكذا، أقرضني كذا وكذا، ساعدني على تعمير بيتي على إصلاح سيارتي، هذا لا بأس، أما دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم أو للأصنام أو للكواكب أو ما أشبه ذلك، فهذا هو الشرك الأكبر، الأولياء يحبوا في الله لكن لا يدعون مع الله، هذا هو الواجب على أهل الإسلام، أن يحبوهم في الله، ويعرف لهم قدرهم، لكن لا يدعونهم مع الله ولا يستغيثون بهم، ولا ينذرون لهم، ولكن يتقربون لهم بالذبائح، هذا هو الشرك الأكبر، سواءً مع الأولياء من الرسل أو من المؤمنين أو مع غيرهم من الطواغيت، لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم، فالواجب التنبه لهذا الأمر، وأن تحذري هذا الشرك وأن تعبدي الله وحده بدعائك واستغاثتك ونذرك وغير هذا، كله لله وحده سبحانه وتعالى.