حكم الصلاة خلف إمام يتوسل بالنبي

ما رأيكم في الصلاة خلف إمام يتوسل بالنبي، كأن يدعو في آخر الدعاء بقوله: بحرمة النبي أحمد، هل تجوز الصلاة خلفه أم لا، وهل علينا إعادة الصلاة التي صليناها خلفه؟ وقد سألت عالماً عندنا فأفتى بأنه جائز التوسل بالنبي؛ لأن النبي كان يتوسل بحمزة، وعمر بن الخطاب توسل بعم النبي العباس، أفتونا في هذا بارك الله فيكم.

الإجابة

التوسل بحرمة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بجاه النبي أو بحق النبي أو بحق الأنبياء أو بجاه الأنبياء هذا بدعة، عند أهل العلم، عند جمهور أهل العلم بدعة لا يجوز، لأن الله ما شرعه لنا، والتوسل عبادة، فلا يجوز أن يفعل إلا ما شرعه الله -سبحانه وتعالى-، فلا يجوز أن يقال: أسألك بحق فلان، أو بجاه فلان، أو بذات فلان، لا النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا بغيره، وإنما يتوسل العبد بأسماء الله وصفاته، كما قال -سبحانه-: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا[لأعراف: 180]، وكما في الحديث: (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت ... الحديث)، وكما توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة، الذين دخلوا غاراً بسبب المطر والمبيت، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ولم يستطيعوا إزالتها، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فسألوا الله بصالح أعمالهم فأزاحها عنهم -سبحانه وتعالى-، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بأدائه الأمانة، والثالث توسل بعفته عن الزنا، فأزاح الله عنهم الصخرة بأسباب أعمالهم الطيبة التي توسلوا بها إلى الله -عز وجل-، أما التوسل بجاه فلان أو بحق فلان فهذا ليس بمشروع ولكن تصح الصلاة خلف فعل لأنه ليس بكافر، إنما هو عاص مخطئ في هذا الأمر، أتى بدعة لا تخرجه من الإسلام، فإذا صلى الناس فلا حرج في ذلك والصلاة صحيحة، لكن وجود غيره أولى منه، وجود إنسان لا يتوسل بهذه البدعة، يكون أفضل وأولى من إمامته، وينبغي أن ينصح ويعلم ويوجه. أما قول العالم الذي سألتم أنه يجوز هذا قول خطأ، قول خطأ، وإن كان قد قال به بعض أهل العلم لكنه خطأ على الصحيح عند العلماء، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، والتوسل بالجاه وبالحق محدث، فلا يجوز فعله ثم هو وسيلة إلى الغلو، وسيلة إلى الغلو والشرك، فينبغي تركه والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما توسل بحمزة، ولا عمر توسل بالعباس إنما توسل بدعائه، كانوا إذا استسقوا يستسقون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ليدعو لهم، يقولون: يا رسول الله قد أجدبنا هلكت الأموال، هلكت الأنفس فادع الله لنا، فيستغيث لهم، وهذا التوسل بدعائه -عليه الصلاة والسلام-، في حياته، وقد فعلوا ذلك في خطبة الجمعة فاستغاث لهم، وأغاثهم الله، وقد طلبوا منه الاستغاثة، وخرج بهم إلى الصحراء وصلى بهم ركعتين واستغاث لهم فأغثاهم الله، وهكذا فعل عمر لما أجدبوا في عهد عمر قال: (اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا بنبينا فتسقينا)، توسلنا بنبينا يعني بدعائه مو بذاته، بدعائه -عليه الصلاة والسلام- يدعو لهم، يتوسل بدعائه يعني يدعو لهم ويستغيث لهم ويرفع يديه ويدعو فيغيثهم الله، ثم إنهم توسلوا بالعباس مو بذاته ما قالوا: نسأل بجاه العباس لا، إنما قالوا للعباس: ادع الله ونؤمن، فالعباس قام ودعا وأمنوا على دعائه، هذا استسقائهم، فلا ينبغي أن يلتبس على المؤمن هذا الأمر، فالتوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وبالعباس إنما هو بالدعاء، طلبوا منه أن يدعو لهم فدعا لهم -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا عمر طلب من العباس أن يدعو ويستغيث ففعل العباس ودعا وأمن المسلمون فأعثاهم الله، وفق الله الجميع.