حكم من يصلي الفجر بعد طلوع الشمس

تسأل أختنا عن الشخص الذي يصلي بعض الأيام صلاة الفجر بعد طلوع الشمس، أو يصلي صلاة العصر في البيت، ما حكم صلاته، وهل تجب مقاطعته أو تجب نصيحته، أرشدونا لذلك، ولاسيما إذا كان من المقربين لنا؟

الإجابة

الواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، يجب على جميع المسلمين المكلفين من الرجال والنساء أن يحافظوا على الصلاة في وقتها، الفجر في وقتها قبل الشمس، الظهر في وقتها بعد الزوال، والعصر في وقتها إذا صار ظل كل شيءٍ مثله بعد فيء الزوال قبل أن تصفرَّ الشمس، والمغرب بعد غروب الشمس، والعشاء بعد غروب الشفق، والفجر بعد طلوع الفجر وقبل الشمس، لا بد من هذا، يجب على جميع المسلمين المكلفين المحافظة على هذه الصلوات الخمس لأنها عمود الإسلام، من تركها كفر –نعوذ بالله من ذلك- يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). ويقول –عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). ويقول: (إنه يلي عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فقيل يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة). دل على أن إقامة الصلاة لا بد منها، عمود الإسلام من تركها كفر. ولا يجوز تأخير الفجر إلى بعد طلوع الشمس، ولا تأخير العصر إلى أن تصفر الشمس. بل يجب أن يصليها في وقتها. والصحيح أنه إذا ترك ولو صلاةً واحدة عمداً حتى خرج وقتها كفر-نسأل الله العافية- فكيف إذا ترك الصلوات الكثيرة. أما إن جحد وجوبها كفر عند جميع العلماء. إذا جحد وجوب الصلاة كفر ولو فعلها، ولو صلى، إذا قال ما هي واجبة كفر عند الجميع. لكن إذا قال إنها واجبة وفرض ولكن يتساهل، يتكاسل, الأكثرون على أنه لا يكفر كفراً أكبر. الأكثرون من أهل العلم أنه لا يكفر كفر أكبر لكن كفر أصغر، ويرون أنها كبيرة عظيمة، لكن لا يكون كفراً أكبر، ولكن يستتاب فإن تاب وإلا قتل حداً؛ لقول الله -تعالى: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ(5) سورة التوبة. فدل على أنه من لم يتب لا يخلى سيله. يقتل. لكن الجمهور على أنه يقتل حداً. فلان عاصي قد أتى كبيرة عظيمة. والقول الثاني: يقتل كافراً، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). ويجب على المؤمن أن يصلي في جماعة، المرأة تصلي في البيت؛ لأنه خير لها وأسترلها، لكن الرجل يجب أن يصلي في المسجد مع الناس، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- من سمع النداء فلم يأتي فلا صلاة له إلا بعذر. قيل لابن عباس -رضي الله عنه- ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف. وجاءه رجل أعمى فقال يا رسول الله: ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب). هكذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أجب، وهو أعمى ما له قائد، يتلمس الجدران يدوِّر من يقوده، ومع ذلك يجب عليه أن يذهب إلى المسجد, فكيف بالبصير المعافى!! ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام, ثم آمر رجلاً يؤمَّ الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة, لأحرق عليهم بيوتهم). همَّ بهذا وهو لا يهم إلا بالحق -عليه الصلاة والسلام- همَّ أن يحرق عليهم بيوتهم؛ لأنهم ما حضروا في الجماعة مع المسلمين. وفي رواية أحمد: (لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم). المقصود أن هذا يدل على وجوب أداء الصلاة في جماعة. وأنه لا يجوز للمسلم أن يتخلف عنها، لا الفجر ولا غيرها. بل التخلف عن الجماعة من صفات المنافقين. التخلف عن الجماعة في المسجد من صفات أهل النفاق، قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى (142) سورة النساء. الآية. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً). فالذي يتكاسل عن صلاة الفجر في جماعة قد تشبه بأعداء الله المنافقين, وترك واجباً عظيماً، فالواجب عليه تقوى الله، وعلى أهله أن يناصحوه، وعلى أبيه أن يقوم عليه، إن كان عنده أب أو جد أو أخ كبير يلزمه في ذلك، ويؤدبه حتى يصلي في جماعة. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع). فالولد الذي يتخلف عن الجماعة وقد بلغ عشراً فأكثر يؤدبه أبوه، وهكذا أخوه الكبير، فإذا كان قد بلغ الحلم صار أمره أعظم, نسأل الله للجميع الهداية ولا حول ولا قوة إلا بالله.