حكم طلب الخير ودفع الشر من صاحب القبر

يوجد عندنا قبور يقال إنها قبور بعض الصالحين، ويقوم بعض الناس بزيارتها لكي تبعد عنهم الشر وتجلب لهم الخير، وتشفي مرضهم -بزعمهم-، ويقولون: إن هذا الصالح له شأن في هذا الشيء، وعند نهاية زيارتهم يضعون بعض النقود على هذا القبر، ما حكم عملهم هذا؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن الله عز وجل، شرع لعباده زيادة القبور للذكرى والاستغفار للميتين والدعاء لهم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (زورا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، ويقول لأصحابه عليه الصلاة والسلام، كان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، ويقول عليه الصلاة والسلام إذا زار البقيع: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، ويقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)، ثم يقول: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، هذه السنة، أنه يدعى لهم عند الزيارة ويترحم عليهم، لأنهم في حاجة إلى الدعاء، أما زيارتهم لطلب الشفاء للمرضى أو لطلب المدد والنصر على الأعداء أو ما أشبه ذلك فهذا من الشرك الأكبر، وهو كفر بالله هذا لا يجوز، وهذه حال عباد الأوثان، يعبدون الموتى والأصنام والأشجار والأحجار والكواكب ويسألونهم قضاء الحاجات تفريج الكروب شفاء المرضى ويسألونهم المدد بكل ما يعينهم هذا كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من هذا العمل السيء قبور الصالحين تزار للدعاء لهم والترحم عليهم لا لدعائهم من دون الله، ولا فرق بين العيدروس أو ابن علوان أو غيرهما جميع القبور حتى قبور الأنبياء، حتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- وقبر الصديق وعمر وأهل البقيع كلهم لا يدعون مع الله، لا يستغاث بهم لا ينذر لهم، حتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال: السلام عليك يا رسول الله، ورحمته وبركاته، جزاك الله عن أمتك خير الجزاء وأحسنه، ولا يدعى من دون الله، ولا يقال له المدد، أو اشف مرضانا، أو انصرنا هذا شرك أكبر، وهكذا عند الصديق وهكذا عند عمر، وهكذا عند عثمان، وهكذا علي، وهكذا عند قبور أهل البقيع جميعاً، لا يدعون مع الله، لا يقال انصرونا أو اشفعوا مرضانا، أو أنتم تعلمون حاجاتنا هذا كله من الكفر الأكبر، والغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل: قل لا يعلم من السموات والأرض الغيب إلا الله، فهو الذي يعلم الغيب جل وعلا، ولما سقط عقد لعائشة في بعض الأسفار أناح النبي للناس عليه الصلاة والسلام وطلب العقد وأرسل من يطلبه ويلتمسه، ولم يعرف أين مكانه عليه الصلاة والسلام، وهو سيد الخلق وأفضلهم، لم يعرف أين العقد، طلب أن يلتمسوه فلم يجدوه، فلما لقوا البعير الذي عليه عائشة وجدوه تحته، فلو كان يعلم الغيب لقال انظروا تحت البعير ولم يحتج إلى أن يرسل من يطلبه، ولما قذف المنافقون عائشة وبعض الناس قلدهم وقذفها لم يعلم الحقيقة وتوقف حتى جاءه الوحي بسلامتها وبراءتها رضي الله عنها وأرضاها، فالغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه نبي ولا ملك ولا غيرهما، إلا ما علم الله عباده، إلا ما أوحى الله به إلى أنبيائه وعلمهم إياه، هكذا لا يدعوا مع الله ولا يستغاث بهم وهم أنبياء قال الله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً، فأحداً هذا عام نكرة في سياق النهي، يعم الأنبياء ولا غيرهم، وقال سبحانه: ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به، فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون، فسمى دعاة غير الله كفرة، يعني دعاء الأموات والأنبياء ودعاء الأشجار والأصنام ونحو ذلك، قال الله لنبيه: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك، فإن فعلت فإنك إذن من الظالمين، يعني المشركين والمقصود تحذيره - صلى الله عليه وسلم -وتحذير الأمة، وهو - صلى الله عليه وسلم -لا يشرك، قد عصمه الله من هذا، لكن المقصود تحذير الأمة، وبيان أن هذا الأمر خطير ولا يجوز لأحد أن يفعله وهكذا قوله سبحانه: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، أوحى الله إليه هذا الأمر، ليعلم الناس أن الشرك محرم، وأنه أعظم الذنوب وأنه محرم على الأنبياء وعلى غيرهم، وقال سبحانه: ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاؤكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير، سبحانه وتعالى، فجعل دعاة غير الله كائناً من كان من الشرك، وقد أخبر أن المدعوين لا يسمعون دعاء الداعين وأنهم لو سمعوا ما استجابوا فالواجب الحذر من هذا الشرك الوخيم، وتحذير الناس من ذلك، والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر العظيم، وأن يحذروهم من التعلق على القبور والتعلق على الأموات والاستغاثة بهم والنذر لهم وطلبهم المدد والعون كل هذا من المحرمات الشنيعة بل من الشرك الأكبر، وإذا كان هذا لا يجوز مع النبي ولا مع الخلفاء الراشدين، فكيف يجوز مع العيدوس أو مع ابن علوان أو مع الشيخ عبد القادر أو مع علي أو مع الحسن أو مع فاطمة أو مع غيرهم!!، ما يجوز أبداً مع أحد، فالعبادة حق الله وحده، قال سبحانه: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، وقال: ادعوني أستجب لكم، قال: يا أيها الناس اعبدوا ربكم، وقال سبحانه: إياك نعبد وإياك نستعين، فهو المعبود بالحق وهو المستعان جل وعلا، فلا يدعى معه أحد لا ملك ولا نبي ولا صنم ولا شجر ولا حجر ولا ميت فالعبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، قال تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، وقال سبحانه: فاعبد الله مخلصاً له الدين، وقال جل وعلا: فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، أما الحي فلا بأس يقال له يا عبد الله أعني على كذا، الحي الحاضر، تقول: أعني على إصلاح سيارتي، أقرضني كذا وكذا، حي يسمعك ويقدر، تقول له أعني على كذا، أعني على تعمير بيتي، على إمساك دابتي، على إصلاح سيارتي هذا لا بأس، كما قال الله في قصة موسى عليه السلام،:فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه يعني حي قادر، أما الأموات لا يدعوا مع الله وهكذا الأصنام وهكذا الأشجار والأحجار وهكذا النجوم كل ذلك من الشرك الأكبر نسأل الله العافية، فنصيحتي لكل مسلم أن يحذر هذا، وعلى العلماء أن يحذروا الناس من هذا الشرك الوخيم، على العلماء في كل مكان أن يتقوا الله وأن يعنوا بهذا الأمر بالكتابة وفي خطب الجمعة، وفي غير ذلك، وهكذا زيارة القبور حتى ينبه الناس، القبر الذي يدعى من دون الله، لا يزار، حتى ينبه أهله يزوره العالم، يقول: يا ناس هذا لا يجوز سلموا وادعوا له بالمغفرة والرحمة، أما أن تدعوه من دون الله؛ المدد المدد يا سيدي فلان، اشفع لنا انصرنا، هذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله فيجب الحذر.