تغيير المنكر بالقلب كيف يكون

ما حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيف يكون تغيير المنكر بالقلب كما ورد في الحديث المعروف مع التوضيح بالأمثلة ما أمكن؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على المسلمين رجالاً ونساء، وهو من أهم واجبات الإسلام ، ومصلحته تدعو إلى ذلك، والناس في حاجة إلى القيام بهذا الواجب، قال الله - سبحانه -: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [(71) سورة التوبة]. هذا يدل على أنه فرض على الجميع، من المؤمنين والمؤمنات. وقال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [(110) سورة آل عمران]. وقال عز وجل: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [(104) سورة آل عمران]. فالواجب على المسلمين ولاسيما العلماء والأمراء والأعيان، الواجب عليهم أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، وهكذا يجب على النساء ولاسيما من لها أمر ولها قدرة فإن هذا متعين على الجميع، تأمر أهل بيتها، تأمر بناتها، خدمها، تأمر أخواتها، تأمر من ترى يقع منه منكر، تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر حتى تأمر الرجال، كما أن الرجل يأمر المرأة بالمعروف وينهاها عن المنكر كذلك المرأة تأمر الرجل، زوجها وأخاها وابنها وغيرهم، تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، فهذا واجب على الجميع ، لكن بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن ، الذي يرغب بالحق ، ويسبب قبوله، ولا ينبغي الشدة في هذا لأنها قد تنفر من قبول الحق، يقول الله - جل وعلا - : ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [(125) سورة]. ويقول سبحانه: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ - وهم اليهود والنصارى - إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [(46) سورة العنكبوت]. يعني إلا من ظلم فله جواب آخر. وقال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ [(159) سورة آل عمران]. فالآمر والناهي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، بالأسلوب الحسن ، والكلمات المناسبة التي تدعو إلى قبول الحق، وترغب في الخضوع للاستجابة. والإنكار ثلاثة مراتب كما بينه - عليه الصلاة والسلام - ، يقول عليه الصلاة والسلام : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطيع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان). فباليد للأمراء والرؤساء ، وشيوخ القبائل ، والهيئة التي أسند إليها ذلك، عليها أن تنكر باليد، بإراقة الخمر، كسر المزمار، تفريق المجتمعين على باطل، أمر الناس بالقوة إلى الصلاة إذا أذن المؤمن أن يقوموا إلى الصلاة، إلى ما أشباه ذلك. وهكذا صاحب البيت يأمر أولاده وآل بيته ، وينكر عليهم المنكر باليد، وهكذا صاحبة البيت تنكر بيدها إذا رأت المنكر على أهل بيتها ، إذا كان لها السلطان في البيت، بإراقة الخمر إذا وجدته، بكسر آلات اللهو.. إلى غير هذا من الإنكار باليد، إتلاف الدخان إذا وجد في البيت، إلى غير هذا إذا كان لها سلطان وقدرة، كما يفعل الرجل. فمن عجز عن هذا كغالب الناس وسائر الناس ينكر باللسان ، ولا يُقدم بيده إذا كان ذلك يسبب فتنناً ونزاعاً وشراً بينه وبين الناس، بل يدع هذا لولاة الأمور، ومن أسند إليه الأمر، ولكن ينكر باللسان فقط: يا أخي اتق الله، هذا لا يجوز، يا أمة الله هذا لا يجوز، يرى رجلاً يتعاطى الخمر ينكر عليه، يقول له هذا لا يجوز، منكر، حرام، يرى امرأةً متبرجة سافرة في الأسواق ينكر عليها يقول: يا أمة الله اتق الله احتجبي، اتركي التبرج، يرى إنساناً يسب، يتكلم بفحش ينكر عليه ويقول يا عبد الله اتق الله ، لا يجوز السب والفحش، هكذا ينكر باللسان ما سمع من المنكر ، أو شاهد من المنكر، لا فرق بين الرجل والمرآة في ذلك. أما من عجز عن ذلك، لا يستطيع الإنكار لا باللسان ولا بالفعل، يخشى أن يضرب أو يقتل أو يسجن، ما يستطيع أن يتكلم في أي مكان فإنه ينكر بقلبه، يكره المنكر بقلبه، ويفارق المكان، هذا الإنكار بالقلب، يكره بقلبه المنكر ويتغير ، يعلم الله من قلبه إنكاره ، والتغير عن رؤية المنكر ، ويغادر المكان إذا استطاع أن يغادر المكان غادر المكان، ترك المكان حتى لا يشاهد المنكر، هذا هو الإنكار بالقلب، كراهة المنكر وبغضه ومحبة إزالته، والمغادرة إذا استطاع أن يغادر المكان حتى لا يشاهد المنكر.