حكم الزواج بمهر البنت، وحكم زواج الشغار

هل يجوز للرجل أن يتزوج بمهر ابنته أو يتفق مع رجل آخر كل واحد منهما يأخذ بنت الثاني زوجة له، بدون مهر أم لا؟ وماذا يسمى هذا في الشرع؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فلا حرج في أن يتزوج الرجل من مهر ابنته لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنت ومالك لأبيك)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم)، فإذا أخذ من مهرها ما لا يضرها ودفعه في زوجة له فلا حرج، لكن لا يضرها بل يدع لها شيئاً ينفعها عند زوجها، ويغنيها عن الحاجة إلى الغير، ويكون سببا لوئامها مع زوجها وبقائها مع زوجها، هذا هو الذي ينبغي لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضرر ولا ضرار)، فلا يضرها ويشق عليها، ولا يكون سببا لفراقها من زوجها بأخذه مهرها، ولكن لا حرج أن يأخذ منه شيئاً لا يضرها فيستعين به في حاجاته، بجعله مهراً لزوجة أو بغير ذلك. أما المسألة الثانية: وهي كونه يزوج ابنته على شخص آخر ليزوجه ابنته هذا لا يجوز، وهذا يسمى شغاراً في الإسلام، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا شغار في الإسلام)، ونهى عن الشغار في الأحاديث كثيرة قال -عليه الصلاة والسلام-: (والشغار أن يقول الرجل: زوجني ابنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي) هذا هو الشغار، وهو حرام وفاسد، وهو أن يشرط كل واحد منهما نكاح الأخرى، كبنته أو أخته أو بنت أخيه، سواء كان هذا له أو لولده أو لابن أخيه ونحو ذلك، هذا كله لا يجوز، والصحيح أيضاً أنه لا يجوز ولو سمي مهراً حتى ولو سمي مهراً، وقد خالف في هذا من خالف من أهل العلم، وقالوا: لو سمي لكل منهما مهر العادة وتراضتا بذلك فلا بأس، ولكن هذا قول مرجوح وليس بصواب، والصواب أنه متى وقع الشرط بينهما فإن المهر لا يحل ذلك، سمو مهراً أو لا، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشغار ولم يستن، ولم يقل إلا أن يكون لهما مهر، وما جاء في حديث ابن عمر في تفسير الشغار أنه ليس بينهما صداق فهو من كلام نافع، ليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو من كلام الراوي نافع، وكلامه ليس بحجة، الحجة في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، والنبي لم يفصل بين الشغار الذي فيه مهر والشغار الذي لا مهر فيه، ويدل على هذا ما رواه أحمد وأبو داود بسند جيد عن عمارة -رضي الله عنه- أنه كتب إليه أمير المدينة وذكر له أن بعض رجال قريش تزوج امرأة وجعل لها مهراً، وتزوجها شغار، فكتب إليه معاوية -رضي الله عنه- يقول له: فرق بينهما، فإن هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يلتف معاوية إلى المهر، وهذا هو الصواب لأن العلة موجودة ولو فيه المهر، وهذه العلة لأن هذا الشرط يفضي إلى ظلم النساء، وإلى استحلال فروجهن من غير حق، وإلى انتزاع كثير من الحرمات بين الطرفين، وإلى تزويجهن بدون إذنهن، وهذه كلها نتائج وثمرات لهذا العقد الفاسد، وهي ثمرات خبيثة ونتائج رديئة.