حكم الاستياك بحضرة الناس

السؤال: نحن نعلم أن من سنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم استعمال السواك قبل الصلاة، ولكن هل الرسول كان يستاك أمام الناس؛ لأن أحد الدعاة قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستاك بحيث لا يراه الناس؛ حفاظاً على الذوق العام؟

الإجابة

الإجابة: السواك سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا خلاف بين أهل العلم في ثبوت ذلك واستحبابه، وقد وردت فيه عدة أحاديث منها ما رواه أحمد (23072) والنسائي (5) من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" ورواه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم.

ومنها أيضا ما رواه البخاري (887) ومسلم (252) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي أو على الناس، لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة".

وأما الاستياك أمام الناس فللعلماء فيه قولان:
القول الأول: أن السواك سنة في كل الأحوال، سواء أكان في حضرة الناس أم في غير حضرتهم، وبهذا قال جماهير أهل العلم، ويشهد لصحة هذا القول أن من آكد مواطن استعمال السواك الصلاة، كما في حديث أبي هريرة السابق وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي أو على الناس، لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة" وهذا يشمل كل صلاة، سواء أكانت فرضا أم نفلا، وسواء أكانت في جماعة أو حال الانفراد.

ويدل له أيضا أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستاك بحضرة أصحابه، كما في البخاري (244) ومسلم (254) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك بيده، يقول: أُعْ أُعْ، والسواك في فيه كأنه يَتَهَوَّع" أي: كأنه يتقيأ، مبالغة منه في التسوك.

وهذا فيه استياك النبي صلى الله عليه وسلم عند الناس، وقد بوب عليه بعض العلماء بقوله: باب استياك الإمام بحضرة رعيته، قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث في فتح الباري (1/356): "وفيه تأكيد السواك، وأنه لا يختص بالأسنان، وأنه من باب التنظيف والتطيب، لا من باب إزالة القاذورات؛ لكونه صلى الله عليه وسلم لم يختف به، وبوبوا عليه: استياك الإمام بحضرة رعيته" اه، وقال ابن دقيق العيد في الإحكام (1/111): "وقد اعتبر الفقهاء في مواضع كثيرة هذا المعنى، وهو الذي يسمونه بحفظ المروءة، فأورد هذا الحديث لبيان أن الاستياك ليس من قبيل ما يطلب إخفاؤه، ويتركه الإمام بحضرة الرعايا؛ إدخالا له في باب العبادات والقربات، والله أعلم" اه.

القول الثاني: أنه لا يسن الاستياك بحضرة الناس، وهذا قول الإمام مالك ومذهبه، ولهذا ذهب إلى أنه لا يتسوك في المسجد؛ لأنه من باب إزالة القاذورات، ولأنه ينافي المروءة عندهم، كما نقل عن الفضيل بن عياض.

ولا ريب أن السنة ترد هذا القول؛ لما تقدم من أحاديث، فإن الأصل في السواك أنه ليس من الأمور المستقذرة، التي يستخفى بها، بل هو من باب الاستطابة، التي أظهرها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يزال العمل جاريا على هذا في الأمة، ولكن إن صحب التسوك ما يستقذر أو يستحيا من فعله عند الناس، فإنه يجتنب، ويؤيد هذا أن ابن حبان في صحيحه (3/353) ترجم على حديث أبي موسى الأشعري السابق بقوله: (باب ذكر الإباحة للإمام أن يستاك بحضرة رعيته إذا لم يكن يحتشمهم فيه) اه، والله أعلم.
14-11-1429ه.

المصدر: موقع الشيخ خالد المصلح