السترة في الصلاة

علمت أن من السنة وضع السترة أمام المصلي، فهل يجوز وضع سترة قصيرة كأن يكون طولها شبراً، وإن لم يصلح فما مقدار طولها؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فاتخاذ السترة للمصلي سنة مؤكدة، كان - صلى الله عليه وسلم - يفعلها في أسفاره، وكانت تحمل معه العنزة وهي عصا صغيرة لها حربة أمامه عليه الصلاة والسلام ويصلي إليها، وكان في المسجد يصلي إلى سترة، عليه الصلاة والسلام، فالسنة لكل مصل من رجل أو امرأة أن يصلي إلى سترة، ولهذا في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدنوا منها)، السنة الدنو منها، ولما صلى في الكعبة عليه الصلاة والسلام، دنا من الجدار الغربي حتى لم يكن بينه وبينه إلا ثلاثة أذرع، فالسنة للمؤمن والمؤمنة اتخاذ سترة كالجدار أو السارية أو كرسي أمامه أو ما أشبه ذلك مما له جسم قائم، وأقل ذلك مثل مؤخرة الرحل، قال العلماء: وهي تقارب الذراع أو ثلثي الذراع، إذا كانت السترة قائمة نحو ثلثي الذراع أو ما يقارب ذلك كفت، إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر صلى ولو إلى عصا مطروحة أو خط كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطاً، ثم لا يضره من مر بين يديه)، فالمؤمن يجتهد وهكذا المؤمنة، فإن وجد جداراً صلى إليه أو سارية أو كرسياً أو متكأ مما يتكأ عليه أو عصا لها حربة تركزها في الأرض، أو ما أشبه ذلك مما له قاعدة أو قائم كذراع أو ما يقاربه ثلثي ذراع أو ما يقارب ذلك، فإن لم يتيسر له ذلك جعل وسادة أمامه أو عصا مطروحة أمامه فاتقوا الله ما استطعتم، حسب التيسير أو خط إذا كان في الأرض، كالصحراء وليس عنده شيء، خط خطاً، يكفي على الصحيح، والحديث لا بأس به، كما قال الحافظ ابن حجر إسناده حسن، رواه ابن ماجة وأحمد وجماعة بإسناد حسن، فالحاصل أن هذا الحديث الذي فيه خط لا بأس على الصحيح، وهو عند الحاجة، عند عدم تيسر الجدار والعصا المنصوبة يخط خطاً، وليست السترة واجبة، بل لو صلى إلى غير سترة صحت صلاته، لكن يكون ترك السنة، السنة أن يصلي إلى سترة، وإذا مر بين السترة وبين المصلي حمار أو امرأة بالغة، أو كلب أسود قطع الصلاة كما في الحديث الصحيح، يقول - صلى الله عليه وسلم-: (يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بينه وبينه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود)، وفي حديث ابن عباس، (المرأة الحائض)، يعني البالغة، وهذا يدل على أن الصغيرة لا تقطع، والرجل لا يقطع، وهكذا الإبل والغنم لا تقطع، وسائر الدواب ما عدا الحمار، وهكذا الكلاب كلها لا تقطع إلا الأسود، ولكن لا ينبغي أن يمر شيء، يمنع الماء بين يديه لا يمر شيء للحديث الصحيح، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا صلى أحدكم شيء يستره من الناس فأراد أحد الرجال أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان)، فإذا أراد شيء أن يمر بين يديك تدفعه، ترده، ولوأنها شاة أو طفلة، ترده إذا تيسر ذلك لكن لو مر لا يقطع، لا يفسد عليك صلاتك، إلا إذا كان المار امرأة بالغة أو حماراً أو كلباً أسوداً، مر بين يديك قريباً منك في أقل من ثلاثة أذرع، أو بينك وبين السترة ولو كان أكثر إذا كان بينك وبين السترة، أما ما مر من وراء السترة، إذا مر من ورائها فإنه لا يضر، ولو كان المار كلباً أسود أو امرأة أو حمار، إذا كان من وراء السترة.