تفسير كارثة الكويت من المنظور الإسلامي

يميل البعض إلى تفسير الكارثة التي حلت بالكويت على أنها عقاب من الله تعالى للكويتيين للفساد الذي انتشر في بلادهم، ويرى بعض آخر أن الكويت كانت من البلدان التي تحارب الفساد وتنشط في الدعوة للخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي أقل فسادا من كثير من البلاد الإسلامية، وأن شعبها من أنشط الشعوب الإسلامية في الأعمال الخيرية والدعوة للإسلام، وأن ما حل بهم بلاء من الله لإيمانهم، فكيف يرى فضيلتكم تفسير هذه الكارثة من منظور إسلامي؟  

الإجابة

لا ريب أن المعاصي لها آثار سيئة على المجتمع الذي تظهر فيه ولا تنكر لقوله سبحانه وتعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[1]، ولقوله عز وجل: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ[2]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه))، فالمعاصي شرها عظيم وعواقبها وخيمة، وكل ما أصاب المسلمين من العقوبات والنقمات وتسليط الأعداء كله بأسباب الذنوب والمعاصي، كما قال الله جل وعلا فيما أصاب الناس يوم أحد وفيهم رسول الله عليه السلام وهو أفضل الخلق وفيهم الصحابة، وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء قال فيهم جل وعلا: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ والجواب محذوف تقديره: سلط عليكم العدو، ثم قال بعدها: مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ[3]، وقال في الآية الأخرى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ يعني يوم أحد: قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا يعني يوم بدر قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قال الله سبحانه: قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[4]، فبين سبحانه أن ما أصابهم بأسباب ما حصل من الرماة الذين أخلوا بالموقف وعصوا الرسول عليه الصلاة والسلام فسلط عليهم العدو حتى قتلوا من قتلوا وجرحوا من جرحوا وحصلت الهزيمة حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أصيب وجرح، وكسرت البيضة على رأسه، وكسرت رباعيته عليه الصلاة والسلام. فالمعاصي شرها كبير وعواقبها سيئة، والواجب على جميع المسلمين الحذر منها والبدار بالتوبة إلى الله منها. [1] سور الشورى الآية 30.
[2] سورة النساء الآية 79.
[3] سورة آل عمران الآية 152.
[4] سورة آل عمران الآية 165.مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السابع