حكم الصيام في النصف الثاني من شعبان

السؤال: سمعت أن الصيام مكروه في النصف الثاني من شعبان، فهل هذا صحيح؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:

فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كراهة صيام النصف الثاني من شهر شعبان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انتصف شعبان؛ فلا تصوموا" (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي، وهو حديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه).

- قال أحمد وابن معين إنه منكر، وضعفه البيهقي والطحاوي بالأحاديث الدالة على جواز الصيام.

- وعلى تسليم صحته فإنه معارض بأحاديث كثيرة، تدل على جواز صيام النصف الثاني من شعبان مطلقاً، كما هو مذهب جمهور العلماء، حيث منعوا من صيام يوم الشك فقط، ولم يحرموا غيره من النصف الثاني.

* منها: ما روي في (الصحيحين) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه" (متفق عليه).

* وفيهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله، يصوم شعبان إلا قليلاً"، واللفظ لمسلم.

* وعن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً، إلا شعبان؛ يصل به رمضان (رواه أحمد، والنسائي في الكبرى).

.. وقد جمع بعض أهل العلم بين تلك الأحاديث بما حاصله:
أن الصيام مشروع في حق من كان له عادة في الصيام، أو كان عليه صوم نذر، أو قضاء من رمضان السابق؛ فلا حرج عليهم من صيام أول شعبان، أو وسطه، أو آخره.

أما من لم تكن له عادة؛ فيكره الصيام في حقه؛ قال القرطبي في (المفهم): "ويرتفع ما يتوهم من المعارضة، بأن يحمل النهي على من لم تكن له عادة بصوم شيء من شعبان، فيصومه لأجل رمضان، وأما من كانت له عادة أن يصوم، فليستمر على عادته. وقد جاء هذا أيضاً في بقية الخبر؛ فإنه قال: "إلا أن يكون أحدكم يصوم صوماً، فليصمه"، كما تقدم".

وجمع بمثله ابن القيم في (تهذيب السنن)، وزاد: أن أحاديث الجواز تدل على صوم النصف الثاني مع ما قبله.

وقال الشوكاني في (النيل): "وقد استثنى من له عادة في حديث النهي بقوله: "إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً، فليصمه"، فلا يجوز صوم النفل المطلق، الذي لم تجر به عادة...، وقد جمع الطحاوي بين حديث النهي وحديث العلاء، بأن حديث العلاء محمول على من يضعفه الصوم، وحديث الباب مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان". وقال في (الفتح الرباني): "وهو جمع حسن".أ.ه.

والذي يظهر والله أعلم أن حديث: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" ضعيف كما تقدم نقله عن الأئمة الذين ضعفه بعضهم، وحكم عليه بالنكارة بعضهم الآخر، وبالتالي يكون صوم شعبان سنة لا معارض لها، والله أعلم.



نقلاً عن موقع الآلوكة.