ما حكم النغمات الموسيقية في الجوالات، وخصوصًا في المساجد ؟

السؤال: ما حكم النغمات الموسيقية في الجوالات، وخصوصًا في المساجد ؟

الإجابة

الإجابة: لا ريب أن الشريعة الإسلامية أولت المساجد عناية عالية، ومكانة مرموقة، فقد أضافها الله تعالى إلى نفسه فقال تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ } وقال تعالى: { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ } ورفع الله من شأنها وعظمها فقال تعالى: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } وهي أحب البقاع إلى الله تعالى ثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: " أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها " رواه الإمام مسلم في صحيحه (671) من طريق الحارث بن أبي ذباب، عن عبد الرحمن بن مهران مولى أبي هريرة ، عن أبي هريرة. ويقول ابن عباس رضي الله عنه ( المساجد بيوت الله في الأرض تضئ لأهل السماء كما تضئ نجوم السماء لأهل الأرض ) رواه عنه الطبراني في المعجم الكبير (10/262) من طريق بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس0

وهي من شعائر الإسلام الظاهرة التي أمر الله تعالى بتعظيمها واحترامها، وجعل تعالى ذلك من علامة التقوى فقال تعالى: { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } ولذلك فقد صان الإسلام المساجد عن مباحات كثيرة، كل ذلك لأجل رفع مكانة المساجد، وتعظيم شأنها، ورفع قدرها، فهذا البيع الذي به قوام البشرية وحياتهم نهي عنه، بل وأمرنا أن نقول لمن يبيع ويشتري في المسجد لا أربح الله تجارتك، جاء هذا في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا أن نجيب من أنشد ضالة في المسجد بقولنا له: " لا ردها الله عليك "، جاء ذلك عند الإمام مسلم في صحيحه (568) من طريق محمد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله مولى شداد بن الهاد، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد ، فليقل : لا ردها الله عليك ، فإن المساجد لم تبن لهذا "0 هذا وهي في ذاتها أعمال مباحة، ولا ترتبط بصلب الصلاة، والآن ما هو موقف الإسلام من الذين يشوشون على المصلين، ويعملون في المساجد أعمالًا محرمة، ويأتون بالموسيقى وأشباهها، بلا ريب أن الذنب أعظم، والنهي آكد، والوعيد أشد، لا سيما وهذه الآلات تلهي المصلين، وتزعج الذاكرين، وقد نهى الشرع الحكيم عن كل ما يلهي المصلين ويشوش عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم، في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة فلما انصرف قال: " اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي " متفق عليه من طريق ابن شهاب، عن عروة عن عائشة، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه ( من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ ) ذكره البخاري في صحيحه معلقاً مجزوماً به0

وحين ننهى عن النغمات الموسيقية مطلقاً في الجوالات وغيرها، نحذر من تشغيل الجوالات في المساجد، ورنين الأجهزة، فمفاسد ذلك متعددة، وأضراره واضحة وآفاته قبيحة قال تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ } وأجزم أنه لا يجتمع في الصلاة خشوع، ورنين جوال، فمن عقل عن الله أمره، آثر رضاه وأقبل على صلاته وخشع لربه، وابتعد عن سلوك أهل العادة والغفلة، فهؤلاء في واد وأهل الصلاة والخشوع في واد آخر، وأحسب أن المؤمن يستجيب لأمر الله، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يعصي الله في أحب البقاع إلى الله، ولا يؤذي أحدًا بقوله، ولا فعله فحين يأتي إلى المساجد يغلق الجوال، ويقبل بقلبه على صلاته، نسأل الله التوفيق والثبات على الحق0

سليمان بن ناصر العلوان 5/8/1423ه