حكم من يصلي فروضاً ويترك أخرى

والدي رجل فقير، وكان ليس له دخل أكثر من أجر اليوم الواحد الذي لا يتجاوز خمسة قروش، وكان يعمل في السابق من أجلي وأجل أسرة يبلغ تعدادها ستة عشر فرداً، وكان في هذه الأثناء يصلي فرضاً ويفوت فروض، وهو يعمل في دكانه ويقول: إن الجري على المعاش عبادة ، والآن يبلغ من العمر خمسة وسبعين عاماً وليس له من عمل إلا في العبادة, والصيام، والآن نسأل: ما الحكم في السنين التي ضيع فيها بعض الفروض؟

الإجابة

الواجب عليه التوبة إلى الله-سبحانه وتعالى- التوبة الصادقة التوبة النصوح؛ لأن عمله جريمة عظيمة وطلب الرزق والكسب للعيال ما يمنع الصلاة بل يجب أن يقدم حق الله ويعمل في لطلب الرزق في أوقات أخرى, هو أخطأ وغلط فقد خطأ وغلط في عمله هذا, فالواجب عليه أن يتوب إلى الله توبة صادقة بأن يندم على ما مضى من عمله السيئ, وأن يقلع من ذلك, ويستقيم على الصلاة, ويعزم عزماً صادقاً أن لا يعود إلى هذا العمل السيئ إلى ترك الصلاة, ومن تاب تاب الله عليه (والتائب من الذنب كمن لا ذنب له) الله يقول-سبحانه-: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ويقول-سبحانه-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا), فعلى المسلم، وعلى المسلمة عندما يحصل منهما شيء من المعاصي أن يبادرا بالتوبة, وأن يصدق في ذلك فإذا تاب توبة نصوحاً مشتملة على الندم على ما مضى, والإقلاع من ذلك, والعزم الصادق أن لا يعود في ذلك مع رد الحق إلى أهله إن كان فيه حق للناس صحت التوبة وغفر الله الذنب-سبحانه وتعالى-ولا شك أن الساعي على الأرملة, والمسكين, وطلب الرزق أمر مطلوب وعبادة يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) قال الراوي وأحسبه قال: (وكالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر) فطلب الرزق الحلال, وينفق على أولاده, وبناته, وزوجته فهذا أمر مطلوب وعبادة وطاعة لله؛ لكن لا يجوز أن يضيع معه الصلاة أو الصيام ورمضان أو غير ذلك مما أوجب الله عليه بل يجب أن يصلي كما أمر الله ويصم كما أمر الله ويعمل في طلب الرزق, فعمله هذا واحتجاجه بطلب الرزق غلط خطأ كبير ولكن مع التوبة يغفر الله لنا وله، إذا تاب توبةً صادقة فالله يغفر له سبحانه وتعالى، ولكن لا يلزمه القضاء، الماضي لا يلزمه القضاء، لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح من قولي العلماء، والكافر متى تاب تاب الله عليه، ولم يلزمه قضاء، قال الله جل وعلا، قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. فعليه أن يتوب إلى الله توبةً صادقة ويندم، ويكثر من العمل الصالح والاستغفار والله سبحانه يتوب عليه ولا يلزمه شيء من القضاء لا صلاةً ولا صوماً. بارك الله فيكم.