الطلاق ثلاثا بكلمة واحدة

ما الحكم في ثلاث طلقات في كلمةٍ واحدة، هل تقع واحدة أم ثلاثاً؟

الإجابة

هذا الطلاق بالنص المذكور فيه خلاف بين أهل العلم. الجمهور من أهل العلم والأئمة الأربعة يقولون إن الطلاق بالثلاث ولو بكلمة واحدة يقع فإذا قال لزوجته أنت طالق بالثلاث أو مطلقة بالثلاث أو قال هي طالق بالثلاث يعني زوجته طلق عن الأكثرين من أهل العلم، وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره. وذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يقع بذلك إلا واحدة إذا كان الطلاق بلفظ واحد بأن قال هي مطلقة بالثلاث أو أنت طالقة بالثلاثة أو مطلقة بالثلاث، ذهب جمع من أهل العلم إلى أن هذا الطلاق لا يقع إلا بواحدة رجعية، وله مراجعتها مادامت في العدة، روي هذا عن ابن عباس في رواية صحيحة عنه، وجاء عنه خلاف ذلك، وروي هذا عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، وقال به جماعة من التابعين، واختاره محمد بن إسحاق صاحب السيرة، وآخرون وأفتى به أبو العباس ابن تيمية الإمام المشهور - رحمه الله تعالى - وأفتى به أيضاً تلميذه العلامة المحقق ابن القيم - رحمه الله تعالى -، وهذا الذي أفتي به لما فيه من التيسير على المسلمين، والتسهيل، والأصل في هذا ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (كان الطلاق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وسنتين في خلافة عمر - رضي الله عنهما - طلاق الثلاث واحدة، فلما كان عمر - رضي الله عنه - قال: إن الناس قد استعجلوا بشيء كانت لهم في هنأة فلو أمضيناه عليهم لأمضاه عليهم). خرجه مسلم في الصحيح. وروى الإمام أحمد بن حنبل بإسناد جيد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أباه كان طلق امرأته ثلاثاً، فحزن عليها، فردها عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: إنها واحدة. والظاهر أنه طلقها ثلاثاً بكلمة واحدة هذا هو الظاهر من الحديثين، وهذا هو المعتمد، وهو الذي أفتي به كما تقدم، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الثلاث ولو متفرقة لا يقع منه إلا واحدة، واختاره أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله تعالى - ، فإذا قال طالق وطالق وطالق، أو طالق ثم طالق ثم طالق، لا يقع إلا واحدة، ولكن الذي ظهر لي من كلام أهل العلم، ومن كلام ابن عباس في الرواية التي أفتى بها أنها واحدة أن جعلها واحدة إنما يختص بما إذا تلفظ بالثلاث بلفظ واحد. أما إذا كرر الطلاق فإنه يقع. إذا كررها على وجه يغاير فيه الثاني الأول، والثالث الثاني، كأن يقول طالق ثم طالق ثم طالق أو طالق وطالق وطالق هذا تقع الثلاث على المعتمد وهو الذي عليه جمهور أهل العلم، ومثله لو قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، فإنها جمل ثلاث تامة يقع به الطلاق إلا إذا أراد من الثانية والثالثة تأكيد أو إفهام المرأة فله نيته. أما إذا قال أنت طالق طالق طالق بغير واو ولا ثم، ولا إعادة المبتدأ، بل قال أنت طالق طالق طالق، أو أنت مطلقة مطلقة مطلقة، فهذا ذكر فيه أهل العلم أنه لا يقع به إلا واحدة؛ لأن الكلمة الثانية المعادة والثالثة بدون إعادة الجملة وبدون إعادة المبتدأ لا تقع إلا مؤكدة، أنت طالق طالق طالق، أنت مطلقة مطلقة مطلقة أو هي مطلقة مطلقة مطلقة وليس له نية الثلاث فهذا الصواب فيه أنه يعتبر واحدة، حتى عند من أوقع الثلاث بكلمة واحدة؛ لأن هذا لم يقصد الثلاث وإنما كرر اللفظ لغضبه أو لأسباب أخرى لم يقصد به إيقاع الطلاق، فهذا يعتبر واحدة؛ كما لو قال: زيد زيد زيد في الكلام، مثلما جاء في حديث عائشة (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل). مثل هذا يستعمل للتأكيد. فالصواب في هذا أنه يحكم فيه بأنه واحدة، ويكون اللفظ الثاني والثالث مؤكد للأول، ولا يقع بهما شيء كما نص على هذا جمع من أهل العلم في باب ما .....عدم الطلاق. وأعيد هذه الجملة حتى تفهم، وهي أن يقال: طالق طالق طالق، أو يقول مطلقة مطلقة مطلقة ، هذا هو محل جعلها واحدة، ويكون لفظ الثاني والثالث مؤكدين للأول، وهذا هو الصواب كما نص عليه جمع من أهل العلم. وأما إذا كرر في الجمل أو بحروف العطف هذا يقع طالق ثم طالق ثم طالق تقع الثلاث عند الجمهور وهو الأظهر من الأدلة، أو طالقة وطالقة وطالقة تقع بها الثلاث ، وهكذا لو قال أنت طالق أنت طالق أنت طالق أو أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة، وهكذا تكرار الجمل، أو تراك طالق تراك طالق تراك طالق، فهذا يقع به الثلاث إلا إذا نوى التأكيد بالثانية والثالثة في قوله أنت طالق أنت طالق أنت طالق أو تراك طالق تراك طالق تراك طالق؛ لأنها جمل فإن نوى بها التأكيد والإفهام وإلا وقع بالثلاث -والله ولي التوفيق-. بارك الله فيكم وجزاكم الله خير.