حكم التشبه بالكفار والفساق

تعلمون أنه يجب على المسلم أن يكون ذو شخصية - كما يقول - أن يكون ذا شخصية مميزة تابعة لتعاليم الدين الحنيف، من المحافظة على هيئته ولباسه وتمسكه بالسنة المطهرة، وعدم التقليد المقيت لعادات مجتمعه، بل يتبع شرع الله وسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وحيث أنه جاءت في العالم الإسلامي عادات قادمة من الغرب والبلاد النصرانية، بل ودخلت في بعض الأنظمة كالنظم العسكرية، ونظام الخدمة المدنية، وحيث أن الرسول قد أمر بمخالفة اليهود والنصارى في كل شيء وفي الحديث: (لا تشبهوا باليهود فمن تشبه بقوم حشر معهم) . أو كما قال - صلى الله عليه وسلم-، وحيث أن هناك حديثاً يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا : يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال : فمن!). فهل يأثم المسلم بهذا التشبه؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير.

الإجابة

نعم الواجب على المسلم أن يستقل بنفسه، وأن يتباعد عن مشابهة أعداء الله كما أمره الله بذلك، والرسول - صلى الله عليه وسلم- حذر الأمة من اتباع سنن من قبله من الأمم الكافرة اليهود أو النصارى أو المجوس أو غيرهم من الكفرة، فدل ذلك على وجوب استقلال المسلمين بزيهم الخاص وطاعاتهم التي أوجب الله عليهم وشرع لهم إلى غير ذلك، وأن لا تشبهوا بأعدائهم لا في أخلاقهم ولا في أعمالهم ولا في أقوالهم ولا في أعيادهم ولا في أزياءهم ، ولهذا روى الإمام أحمد - رضي الله عنه ورحمه - بإسناد جيد عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال في حديث طويل: (ومن تشبه بقومٍ فهو منهم) . أوله: (بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقومٍ فهو منهم). فالواجب على المسلمين وعلى المؤمنين أن يبتعدوا عن التشبه بأعداء الله في جميع الأمور، وأن يستقلوا بأنفسهم في جميع أمورهم حتى يتميزوا عن عدوهم وحتى يعرفوا أينما كانوا بزيهم وطرائقهم وعاداتهم الإسلامية وأعمالهم الإسلامية ، لكن لو وجد شيء مشترك بأن فعله المسلمون والكافرون فلا يسمى هذا تشبهاً كما وقع الآن في ركوب الطائرات وركوب السيارات والقطارات، كانت هذه أول عند أعداءنا ثم يسر الله لنا الانتفاع بها، فهذا صار الآن مشتركاً ليس فيه تشبهاً بأعداء الله، ولا يمنع استعمالهم لهذه الطائرات أو لهذه القطارات أو السيارات أن نستعملها. وهكذا ما حدث من القوات التي يستعان بها في الحرب للمسلمين أن يأخذوها حتى يدافعوا بها عن دينهم وعن بلادهم، وحتى يعملوا بقوله تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [(60) سورة الأنفال]. فالأمور التي للمسلمين فيها نفعٌ يجوز أن يأخذها من عدوهم ولا يسمى تشبهاً لما فيه من الإعداد والنفع العام للمسلمين، وهكذا الأشياء التي اشترك فيها المسلمون وصارت من عادة الجميع لا يكون فيها تشبه، وإنما التشبه ما اختصوا به وصار من زيهم فأصل. المقدم: إذن هناك ميزان سماحة الشيخ يبدوا لي أنه في الأمور الدنيوية لا يرى سماحتكم أن في ذلك بأساً؟ الشيخ: إذا كان فيها نفعٌ لنا ولا يختص بها المشركون، أما ما كان خاصاً بالمشركين وليس لنا فيه نفع ما نتزين به ، لكن ما فيه نفع نأخذه منهم، ونحتج بقوله تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [(60) سورة الأنفال]. ويقول جل وعلا: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [(32) سورة الأعراف]. المقدم: إذن الحذر في أمور الدين؟ الشيخ: الدين التي هي من أزيائهم وأخلاقهم ليس من ديننا، أما ما كان من ديننا نستعمله، ولو تشبهوا في الأخير، ولو شاركونا، كما لو أجمعوا على إرخاء اللحى فلنرخيها نحن ولو أرخوها لا نخالفهم في ذلك، بل نرخيها لأننا مأمورون بإرخائها، وهكذا لو بنوا مساجد وصلوا في مساجد صلواتهم لا نهدم مساجدنا، ما كان من ديننا نلزمه ولو شاركونا فيه. لمقدم: كذلك بعض الأنظمة التي تتخذ للعمل والعمال وما أشبه ذلك؟ الشيخ: التي تنفعنا نأخذ بها، نظام المرور، نظام الشرطة، نظام كذا، نظام كذا الذي ينفع الأمة.