هل تصح صلاة من صلى منفرداً وترك الجماعة؟

السؤال: حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" هل يدل على جواز صلاة الفذ، لأنه جاء فيه لفظ: "تفضل"، وتدل على اشتراك الفاضل والمفضول، فما قولكم في ذلك؟ وهل في هذه المسألة حجة لمن يتهاون في الصلاة بغير جماعة؟ وكيف نرد عليه؟ وجزاك الله خيراً.

الإجابة

الإجابة: هذا الحديث لاشك أنه يدل على صحة صلاة الفذ يعني الذي يتخلف عن صلاة الجماعة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ"، ومن المعلوم بمقتضى اللغة العربية أن المفضل والمفضل عليه يشتركان في أصل الوصف، فإذا قلت صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ، دل ذلك على أن لصلاة الفذ فضلاً، وهو كذلك، ولا يمكن أن يكون فيها فضل إلا إذا كانت صحيحة، ففي الحديث دليل على أن من صلى منفرداً فصلاته صحيحة فلا نأمره بالإعادة، فيكون فيه ردٌ لقول حبر من أحبار الأمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، فإنه يرى أن صلاة الجماعة شرط لصحة الصلاة، وأن من صلى فذاً لغير عذر فصلاته باطلة غير مقبولة وغير مجزئه، وهذه رواية عن إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، ولكن الحق أحق أن يتبع، فإن هذا الحديث دل على أن من صلى فذاً فصلاته صحيحة، وأن الجماعة ليست شرطاً لصحة الصلاة بل هي واجبة كما في حديث أبي هريرة.

والثاني: الجواب عن الدليل المعارض.

فإن قال قائل: ذكرنا قاعدة أم من رجح قولاً على قول لزمه شيئان:
- الأول دليل الترجيح، فما جواب شيخ الإسلام ابن تيميه عن هذا الحديث؟
أجاب عنه رحمه الله بأن هذا في حق المعذور، أي أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ المعذور بسبع وعشرين درجة، فحمله رحمه الله على المصلي فذاً بعذر، ولكن قد نقول لشيخ الإسلام ابن تيمية إن المعذور إذا تخلف عن الجماعة وكان من عادته أن يصليها فإنه يكتب له الأجر كاملاً كما ثبت ذلك في الصحيح: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً"، وحينئذ لا يظهر لي جواب عن هذا الجواب.

أما قول القائل: وهل دليل على تهاون من يتهاون في صلاة الجماعة؟
فنقول: ليس فيه دليل على ذلك، لأن هناك أحاديث بل وهناك من القرآن ما يدل على وجوب صلاة الجماعة.



مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الخامس عشر - باب صلاة الجماعة.