كراهة فتاة لأمها بسبب عيشها مع والدها بعد طلاق أمها

فتاة تكره أمها كراهة شديدة، والأم لا تعرف ذلك، وهذه الفتاة عاشت بعيدة عن أمها مع والدها ولم ترها إلا في الكبر بسبب طلاق الأم لظروف عائلية، مع العلم أنها تقدم لأمها الهدايا وقد سألت بعض العلماء، فقالوا: إن ميل القلوب لا يحاسب عليه الرب فما رأيكم؟

الإجابة

لا ريب أن القلوب بيد الله عز وجل يصرفها كيف يشاء سبحانه وتعالى، فالمحبة والكراهة أمران بيد الله عز وجل، لكن لهما أسباب، فإذا كانت الوالدة ذات عطف على البنت وعناية بشئونها فإن هذا من أسباب المحبة. وإذا كانت الوالدة ليست كذلك عندها إعراض عن البنت وعدم اكتراث بها، أو طالت غيبتها عنها - كما هو حال السائلة - فإن هذا قد يسبب شيئاً من الكراهة والجفوة. والواجب على الفتاة المذكورة تقوى الله في ذلك، وأن تحرص على صلة أمها والإحسان إليها، والكلام الطيب معها في جميع الأحوال، وأن تسأل ربها بأن يشرح صدرها لمحبة والدتها، فإن حق الوالدة عظيم، فإن لم تستطع ذلك فالأمر بيد الله ولا يضرها ذلك. ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلوبنا على دينك، ويا مصرف القلوب، صرف قلبي على طاعتك))، فالقلوب بيد الله عز وجل، وهو يقلبها كيف يشاء سبحانه، فالواجب أن تضرع البنت المذكورة إلى الله سبحانه، وتسأله أن يشرح صدرها لمحبة أمها والقيام بحقها كما شرع الله، وعليها أن تفعل ما تستطيع من البر والصلة والهدايا، وغير ذلك من أنواع البر، فإذا صدقت في ذلك هيأ الله لها كل خير، يقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[1]، ويقول سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا[2].

[1] سورة التغابن الآية 16.

[2] سورة البقرة الآية 286.مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثامن.