حكم نقل الدم للمحتاج له

السؤال: ما حكم التغذية بالدم في حق المرضى الذين تُجرى لهم عمليات جراحية، وبعضهم يجد نزيفاً داخلياً مثلاً، فما حكم تزويده بالدم؟

الإجابة

الإجابة: إن الأصل في الأنجاس كلها حرمة التعالج بها في داخل الأبدان، هذه قاعدةٌ نصَّ عليها الفقهاء جميعاً، وهي التي نظمها محمد مولود رحمه الله بقوله:
وامنع دواء باطن الأجساد *** بنجس واختلفوا في البادي
فالنجس منه الدم، والدم حرام لقول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة:3]، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها".

لكن مع هذا قد يكون ذلك محل ضرورة كما إذا اتفق الأطباء على أن هذا الإنسان لديه فقر في الدم، أو لديه نزيف أدى إلى استنزاف دمه فلم يبق له ما يكفي لحياته، فحينئذ فهو مضطر، والمضطر يباح له ما اضطر إليه، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام:119]، وقال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:173].

وهذا الإنسان غير باغٍ ولا عادٍ، بل هو مضطر لاستعمال الدم فيجوز له ذلك، وهذا الدم لا يوصف بطهارة ولا بنجاسة، لأنه المضطر له قسمٌ سادس بعد أقسام التكليف، أقسام الخطاب التكليفي هي: الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح، والمضطر إليه بعد هذه الأقسام فليس منها، فلا يقال هذا مضطر إليه فيكون واجباً أو يكون مندوباً أو يكون مباحاً، لا بل هو قسم آخر سادس وراء هذه الأقسام، وهو ما اضطر الإنسان إليه فهو مما وراء ذلك، كما قال الله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام:119]، وعلى هذا فالإنسان الذي هو مضطر لاستعمال الدم يجوز له استعماله ويقيد ذلك بقدر الضرورة لأن الضرورة لا يتعدى محلها، الضرورة تقدر بقدرها.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.