حكم الصلاة إلى القبر

يوجد لدينا في القطر عادة ذلك أنهم يَصِلُون إلى قبر، ويزورونه، ويتبركون به، ويقولون: إنه من قبور الصحابة نرجو أن توجهون الناس؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

القبور فتن بها كثير من الناس، فيما مضى وفي هذه الأمة، كانت اليهود والنصارى فتنت بذلك وعبدت القبور واتخذوها أوثاناً كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته اثنتان من نسائه في الحبشة أنهما رأتا كنسية في الحبشة وما فيها من الصور، قال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصورا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)، فجعلهم بهذا العمل شرار الخلق، لأنهم يعظمونهم بالتصوير والبناء ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، ويتبركون بتراب قبورهم، إلى غير هذا من أعمالهم القبيحة ولهذا استحقوا اللعنة عليهم، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث جندب الذي رواه مسلم في الصحيح: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، وقال في حديث ابن مسعود: (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد)، فالواجب الحذر من هذه الخصلة الذميمة، التي سار عليها اليهود والنصارى وهي تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها والقباب والتبرك بها ودعاء أهلها والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم وطلبهم المدد فهذا بلاء عظيم، بعضه بدعة وبعضه شرك، فاتخاذ المساجد على القبور بدعة، اتخاذ القباب وتجصيصها كل ذلك من البدع، ومن أسباب الشرك ووسائله، ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن الرسول نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه، لأن التجصيص والبناء عليه وسيلة للشرك والتعظيم، وهكذا اتخاذ القبة فوقه والمسجد فوقه كل هذا من أسباب الشرك، وهكذا القراءة عنده والصلاة عنده من البدع، أما سؤاله المدد وطلبه الغوث هذا الشرك الأكبر، هذه عبادة لغير الله سبحانه وتعالى، فالواجب على الأمة الحذر من ذلك والواجب على العلماء بيان ذلك للأمة وتحذيرهم من هذا الشرك وهذه البدع لعلهم يسلمون منها، وهكذا كل من لديه علم يبثه في الناس، ويعلمه الناس، يقول الله سبحانه: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (بلغوا عني ولو آية)، ويقول- صلى الله عليه وسلم-: (نظَّر الله امرئاً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه لمن هو أفقه منه)، وكان إذا خطب عليه الصلاة والسلام يقول للناس: (فليبغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع)، وهذه البلية انتشرت في العالم في البلاد الإسلامية وغيرها وهي التعلق على القبور والبناء عليها والتمسح بها، وسؤالها الحاجات وتفريج الكروب والمدد وهذا بلاء عظيم وشر كبير، يجب الحذر منه، والبدعة دائماً تكون وسيلة للشرك فأسباب هذا الشرك تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها والصلاة عندها والقراءة عندها فلما وجدت هذه البدع جرت الناس إلى الشرك والغلو في القبور وعبادتها من دون الله بالدعاء والاستغاثة والذبح لها والنذر لها وطلبها المدد وهذا هو الشرك الأكبر، فيجب الحذر من ذلك، والتوبة إلى الله من ذلك، ويجب هدم البناء الذي على القبور من مساجد وغيرها وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء كما كان هذا في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- في البقيع، وهكذا في البلاد الإسلامية السليمة من هذه الفتنة، وعلى العلماء وعلى الأمراء أمراء المسلمين أن يعالجوا هذه الأوضاع وأن يزيلوها من بينهم وأن يحذروا الناس منها، وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء، لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، رزق الله الجميع الهداية والبصيرة.