ما الحكمة من تحريك الإصبع في الصلاة؟ وكيف يكون؟

السؤال: ما الحكمة من تحريك الإصبع في الصلاة؟ وما كيفية التحريك؟ وما صحة استدلال بعض العلماء بحديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم: "عندما أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه" على تحريك الإصبع يميناً وشمالاً، وعن تضعيف بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يشير بإصبعه إذا دعا، لا يحركها"، وما معنى حديث: "لهي أشد على الشيطان من الحديد" -يعني السبابة-؟ وما حكم الدعاء في السجود وإذا كان طول السجود يتعب المصلي؟ أفتونا وفقكم الله وجزاكم خيراً؟

الإجابة

الإجابة: تحريك الإصبع في الصلاة من أسفل إلى أعلى إشارة إلى علو من يدعوه وهو الله تعالى.

وأما الحديث الذي ذكرت فلا يدل على ما ذهب إليه بعضهم من التحريك يميناً وشمالاً في الصلاة، بل ربما يدل على عكس ذلك لأننا نهينا أن نتشبه بالبهائم.

وأما تضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحركها فيحتاج إلى مراجعة سبب الضعف الذي وصفه به من ضعَّفه.

وأما كون الإشارة بها أشد على الشيطان من الحديد، فالظاهر والله أعلم أن معناه أشد من الطعن بالحديد.

وأما الدعاء في السجود: فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الرجوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم".

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد".

وعلى هذا فإن الساجد أقرب ما يكون إلى ربه، وأقرب ما يكون من الإجابة وأحرى ما يكون بها، فينبغي بعد أن يسبح التسبيح الواجب، والمستحب أن يُكثر من الدعاء بما شاء من أمور الدنيا والآخرة، ومن أجمع الدعاء وأفضله أن يقول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار".

والأفضل أن يطيل المرء الدعاء في صلاة الليل، كما ينبغي أن تكون الصلاة متجانسة متَّفقةً، إذا أطال فيها الركوع أطال القيام بعد الركوع، وأطال السجود، وأطال الجلسة بين السجدتين لقول البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده، وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريباً من السواء"، فهذا هو الأفضل الذي ينبغي.

أما إذا كان الأمر يُتعبك فإنك تدعو الله بما تستطيع ولا تكلِّف نفسك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالعمل بما نطيق فقال: "عليكم بالعمل بما تطيقون"، ونهى أن يكلف الإنسان نفسه ويتعبها بالعمل، فإن النفس إذا تعبت كلَّت وملَّت، وأما إذا يسَّر الإنسان على نفسه وأعطاها من العمل ما تقدر عليه، فإنه ينصرف منه وهو أشد ما يكون فيه حباً وأسلم عاقبة، والله أعلم.



مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الثالث عشر - باب صفة الجلوس بين السجدتين.