صلة الأقارب الذين لا يصلون

ما هي مقومات صلة الرحم، ومن هم الأشخاص الذين يجب عليَّ أن أصلهم من حيث درجة القرابة، إذ أن الكثيرين من أقاربي أشخاص لا يؤمنون -أي: أنهم لا يصلون ولا يصومون ولا يعطون الزكاة- إلا أنهم مسلمون بالاسم وليس بالفعل، فهل عليَّ أن أصلهم أم تجب صلة الرحم للأقارب المسلمين الحقيقيين؟

الإجابة

صلة الرحم للمسلمين وأقربهم الأبوان، الأم والأب والأجداد والجدات، ثم الأولاد ذكورهم وإناثهم وما نزلوا, الأولاد وأولادهم ثم الإخوة، وأولادهم، ثم الأعمام والعمات والأخوال والخالات ثم بنو العم وبنو العمات وبنو الخال وبنو الخالات الأقرب فالأقرب، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سأله سائل قال: (يا رسول الله من أبرُّ؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب) خرجه مسلم في صحيحه. وفي اللفظ الآخر قال: (يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أبوك). ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخل الجنة قاطع رحم، والله يقول في كتابه العظيم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (22-23) سورة محمد. ويقول -جل وعلا-: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) سورة لقمان. ويقول سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (23) سورة الإسراء. ويقول سبحانه: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ الآية، (36) سورة النساء. فالمؤمن يصل قراباته، يجب عليه أن يصلهم حسب الطاقة ولو بالكلام الطيب وبالمال إذا كانوا فقراء يواسيهم إذا قدر, وينفق عليهم إذا قدر, يجب عليه ذلك حسب طاقته الأقرب فالأقرب، ولو من طريق الهاتف –التلفون- ولو من طريق المكاتبة، ولو قطعوه, يصلهم ولو قطعوه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعته رحمه وصلها) رواه البخاري في الصحيح، هذا هو الواصل الكامل, الذي يصلهم وإن قطعوه، أما الكفار لا تجب صلتهم، لكن إذا وصلتهم فحسن؛ لأن الله قد يهديهم بأسبابك، إذا كان لك أخٌ كافر, أو عمٌ كافر أو ابن عم ووصلته وأحسنت إليه فهذا من أسباب هدايته، أما الأبوان فتصلهم ولو كانا كافرين، الأبوان حقهما عظيم، تحسن إليهم وتصلهما وإن كانا كافرين، وتدعوهما إلى الخير كما قال الله -جل وعلا-: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ (14) سورة لقمان. وقال في الكافرين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (15) سورة لقمان. فالوالدان لهما حقٌ عظيم ولو كانا كافرين بالصلة والإحسان إليهما والرفق بهما؛ لعل الله يهديهم بأسبابك، أما غيرهم فأمرهم أسهل إن وصلتهم فهذا أحسن من باب الدعوة إلى الله، من باب الترغيب في الخير، ون لم تصلهم لم يجب عليك؛ لأن الكفر فرق بينك وبينهم، لم يجب عليك أن تصلهم ولا أن تنفق عليهم، لكن إن وصلتهم وأحسنت إليهم ترجو ما عند الله لعل الله يهديهم, لا عن محبة لهم، ولكن لقصد الرحم والقرابة ولعل الله يهديهم بأسباب ذلك، هذا طيب وأنت مشكور ومأجور مع بغضهم في الله. جزاكم الله خيراً. سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير. مستمعي الكرام كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء- شكراً لسماحته وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن لمتابعتكم وإلى الملتقى, وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.