للزوج أن يسافر بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت

السؤال: رجل تزوج بامرأة في إحدى البلدان، وأراد أن ينتقل بها إلى بلد آخر؛ لضرورة معيشته؛ وأبت زوجته أن تسافر معه. فهل تجبر على مرافقته؟ وهل إذا امتنعت تسقط عنها النفقة؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله عز وجل شرع لعباده من الأحكام والتشريعات ما يحقق لهم المصلحة ويكفل لهم السعادة في الدارين، ومن أعظم ما شرعه الله لعباده أحكام الأسرة؛ فجعل القوامة للرجل، وأوجب طاعته بالمعروف حسب المستطاع.

ومن الطاعة بالمعروف انتقال الزوجة مع زوجها لمصلحة راجحة؛ كالسعي للمعاش، وقد نص على ذلك أهل العلم قديما وحديثا، قال مالك في المدونة: "وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت... ". وعليه درج غير واحد من أهل العلم.

ولكنهم اشترطوا لذلك شروطاً منها: أمن البلد الذي تنتقل إليه، وأمن الطريق.

وعلى هذا؛ فيجب على الزوجة أن تطيع زوجها، وترحل معه إلى الجهة التي يريد حسب المصلحة إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع.

أما إذا امتنعت عن الانتقال معك، فإنها تكون ناشزاً ويسقط حقها في النفقة؛ قال ابن قدامة في المغني: "معنى النشوز: معصيتها لزوجها فيما له عليها, مما أوجبه له النكاح, وأصله من الارتفاع, مأخوذ من النشز, وهو المكان المرتفع , فكأن الناشز ارتفعت عن طاعة زوجها, فسميت ناشزاً فمتى امتنعت من فراشه, أو خرجت من منزله بغير إذنه, أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن مثلها, أو من السفر معه, فلا نفقة لها ولا سكنى, في قول عامة أهل العلم; منهم الشعبي وحماد ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأبو ثور، وقال الحكم: لها النفقة وقال ابن المنذر: لا أعلم أحداً خالف هؤلاء إلا الحكم.

ونقول: إن النفقة إنما تجب في مقابلة تمكينها؛ بدليل أنها لا تجب قبل تسليمها إليه, وإذا منعها النفقة كان لها منعه التمكين؛ فإذا منعته التمكين كان له منعها النفقة - كما قبل الدخول.

فأما إذا كان له منها ولد, فعليه نفقة ولده; لأنها واجبة له, فلا يسقط حقه بمعصيتها كالكبير؛ وعليه أن يعطيها إياها إذا كانت هي الحاضنة له, أو المرضعة, وكذلك أجر رضاعها, يلزمه تسليمه إليها; لأنه أجر ملكته عليه بالإرضاع, لا في مقابلة الاستمتاع, فلا يزول بزواله" .اه.

أما إذا لم تتوفر الشروط؛ كأن يكون البلد الذي تنتقل إليه غير آمن أو طريقه غير آمن، فإن الشرع أباح لها الامتناع عن السفر.

وننصحك أيها الأخ بالحرص على أن تحتوي الخلافات بينك وبين زوجتك بالإقناع والتفاهم على مايعود بالخير على بناء الأسرة، ولا تلجأ للفتوى في فضِّ الخلافات بينكما إلا إذا دعت الضرورة؛ لأن إقدامها على أمرٍ أُكرهت عليه قد يفضي إلى مزيد من الخلافات. والله أعلم.