وجوب رعاية الأهل

السؤال: أخ خرج منذ فترة في الدعوة، وترك زوجته خلفه من دون نفقة، وهي بالأمر راضية، وأنا لا أتحمل أعباء زوجته ومع هذا أصف أخي بالمقصر إشفاقاً لحالها فهل عليّ من إثم؟

الإجابة

الإجابة: إن الحق في ذلك حقان: حق لله وحق للزوجة، فحق الله في القوامة ورعاية الأهل واجب، فعلى الإنسان أن يقوم به وليس له أن يسقطه لكنه في المشيئة إذا وقع فيه.

والحق الثاني: هو حق للزوجة فيجوز أن تعفو عنه، وإذا عفت عنه سقط بالكلية، فلذلك ينبغي للإنسان إذا أراد الخروج في فروض الكفايات أو في السنن أو في المندوبات أن يترك لأهله ما يكفيهم وأن يتركهم في مكان آمن وتحت رعاية من يستطيع رعايتهم، لأنه يجب عليه رعايتهم ومنعهم من الحرام، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، وإذا سامحه أهله في حقوقهم فليراعِ حق الله فهو باق ولا يستطيع الأهل المسامحة فيه، لكن إذا كان يعلم هدايتهم واستقامتهم ويترك معهم من الأمناء من يقوم بشؤونهم ويعلم أنهم لن يضيعوا في الغالب ويكون هو من أهل التوكل وتمام الإيمان فله في إبراهيم عليه السلام أسوة حسنة، فإن إبراهيم ترك هاجر وابنه إسماعيل في واد غير ذي زرع، وخرج لأمر الله سبحانه وتعالى، وقد سألته هاجر فقالت: آلله أمرك بهذا؟ فأشار برأسه أي نعم، فقالت: إذن لا يضيعنا، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}، وأمرنا الله بالاقتداء به في كل أمر من أموره إلا أمراً واحداً وهو استغفاره لأبيه، كل أمر فعله إبراهيم أو كل قول قاله فقد أمرنا الله بالاقتداء به فيه، وبين أنه أسوة صالحة لنا إلا أمراً واحداً لم يستثن الله من ذلك إلا أمراً واحداً، وهو: {إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ}، وكذلك فإن الله قص علينا في قصة موسى أنه لما رأى النار ترك أهله في الليلة الظلماء في ذلك المكان ولم يرد في الآيات أنه رجع إليهم ولم يرد ذكر لأهله بعد ذلك في كل قصص موسى في القرآن.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.