هل نقول في التشهد: "السلام عليك أيّها النبي"، أم "السلام على النبي"؟

السؤال: هل نقول في التشهد: "السلام عليك أيّها النبي"، أم "السلام على النبي"؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فقد اختلف الصحابة في صفة السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بعد موته؛ فصحَّ عن ابن مسعود أن المصلي يقول: "السلام على النبي"، وصحَّ عن عمر بن الخطَّاب أن المصلي يقول: "السلام عليك أيّها النبي".

والصحيح الثابت عن سنَّة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه علَّمهُمْ أن يقولوا في التَّشهّد: "السلامُ عليْك أيّها النَّبيّ"، ولم يَقُلْ لهم: قولوا بعد وفاتي: "السلام على النبي".

وكما إنَّ ابنَ مسعودٍ لم يذكر أنه قال هذا بتوقيفٍ منَ النَّبيّ، فالمسألةُ مَحَلُّ اجتهادٍ؛ ومِمَّا يؤكّد هذا: أنه لم ينقل في حديثٍ صحيحٍ أنَّ النبيَّ ذكر هذا التفصيلَ المذكور عن ابن مسعود، كما لم ينقل أنَّ أحد من الصحابة خالف عُمَرَ أو اعتَرَضَ عليه لمَّا علَّمهُمُ التَّشَهُّد على المنبر؛ فقد أخرج الإمامُ مالكٌ في (الموطأ) من طريق عبدالرحمن بن عبدٍ القارئ أنه سمِعَ عُمَرَ بن الخطَّاب، وهو على المنبر، يعلّم الناس التشَهُّدَ، ويقول: قولوا: "التحيَّاتُ لله، الزاكياتُ لله، الطيّباتُ والصلوات لله، السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاتُه، السلام علينا وعلى عِباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله".

واختيارنا هو ما رجَّحته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية؛ حيثُ قالت: "... وهذا هو الأصحّ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم علَّمه أصحابَه، ولم يَقُلْ: إذا مِتُّ فقولوا: السلام على النبي".

وقالوا في جواب آخَرَ: "الصحيح أن يقول المصَلِّي في التشهد: السلامُ عليْك أيها النبي ورحمةُ الله وبركاتُه؛ لأن هذا هو الثابت في الأحاديث، وأما ما رُوِيَ عنِ ابن مسعود رضي الله عنه في ذلك -إن صحَّ عنه- فهو اجتهادٌ من فاعِلِه، لا يعارَضُ به الأحاديثُ الثابتةُ، ولو كان الحكم يَخْتَلِفُ بعد وفاته عنه في حياته لبيَّنَهُ لهم صلى الله عليه وسلم".

- وقال العلامة العثيمين في (الشرح الممتع): "وأما ما ورد في (صحيح البخاري) عن عبد الله بن مسعود أنهم كانوا يقولون بعد وفاةِ الرسول صلى الله عليه وسلم: "السلام على النبيِّ ورحمة الله وبركاتُه"، فهذا من اجتهاداتِه رضي الله عنه التي خالَفَهُ فيها من هو أعلمُ منه: عُمَرُ بن الخطَّاب؛ كما رواه مالك في (الموطأ) بسند من أصحِّ الأسانيد، وقاله عُمَرُ بمَحْضَرِ الصحابة، وأقروه على ذلك. ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام علَّمه أُمَّتَهُ، حتى إنه كان يعلم ابن مسعودٍ، وكفُّه بين كفَّيْهِ؛ من أجل أن يَستحضِرَ هذا اللفظَ، وكان يعلمهم إياه كما يعلّمهم السورةَ من القرآن، وهو يعلم أنه سيموت؛ لأن الله قال له: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر: 30]، ولم يقل: بعد موتي قولوا: السلام على النبيّ، بل علَّمهم التشهُّد كما يُعلّمهم السورةَ من القرآن بلفظها، ولذلك لا يُعوَّلُ على اجتهاد ابن مسعود، بل يقال: "السلام عليك أيها النبيُّ".أ.ه. باختصار يسير، والله أعلم.



نقلاً عن موقع الآلوكة.