الاستدانة أو الهدية ممن يغلب على كسبه الحرام

السؤال: 1- ما حكم الاستدانة ممن يغلب على ماله الحرام أو كله حرام؟ 2- لي صديق تعمل والدته في شركة تأمين و عندما تأتي كل سنة جديدة يهدي لي بعض الأشياء التي يكون مصدرها عمل والدته على سبيل الهدية مثل (مفكرة للتقويم - أكواب - ميداليات.. إلخ) وأنا أعلم أن العمل بالتأمين لا يجوز شرعاً فهل أقبل الهدية أم لا وإن كان لا يجوز أن أقبلها منه فهل لو أخذتها منه لكي لا أصيبه بالحزن ثم أعطيتها لشخص آخر أكون آثماً؟

الإجابة

الإجابة:

1- المال المحرم لا يخلو من حالين:

الحال الأولى: أن يكون المال محرم العين كالمسروق والمغصوب وشبهه فلا يجوز التعامل مع من في يده هذه الأموال لا بالقرض ولا بالمعاوضة ولا بالهبة ولا بغيرها لأن هذا المال محرم العين لحق صاحبه فلا يجوز أخذه بوجه إلا لرده لمستحقه.

الحال الثانية: أن يكون المال محرماً لجهة كسبه كالمال المستفاد من الربا أو المعاملات المحرمة فللعلماء في هذا قولان: منهم من يرى أنه لا يجوز التعامل معه، ومنهم من يرى جواز التعامل معه استناداً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم تعامل مع اليهود مع أنهم يأكلون السحت ويأخذون الربا وهو غالب في أموالهم ومما يستأنس به في ذلك ما رواه عبد الرزاق بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا سأله فقال: إن لي جاراً يأكل الربا وإنه لا يزال يدعوني، فقال: مهنأةً لك وإثمه عليه وقد صحح هذا عن ابن مسعود الإمام أحمد رحمه الله كما نقل ابن رجب في جامع العلوم والحكم.

11-11-1424 ه.

2- 

لأهل العلم في التعامل مع من يغلب على ماله الحرام عدة أقوال أظهرها الجواز ومن ذلك قبول هداياهم, يدل لهذا قبول النبي صلى الله عليه وسلم للهدية من اليهود ففي صحيح البخاري (2933) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم. والمهدي يهودية فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن اليهود أهل ربا وأكلة سحت وهو غالب أموالهم. ويعضد هذا ما رواه عبد الرزاق في مصنفه بسند جيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً سأله فقال: إن لي جاراً يأكل الربا وإنه لا يزال يدعوني فقال: مهنأةً لك وإثمه عليه, وقد جاء مثل ذلك عن سلمان وقد سئل الحسن عن طعام الصيارفة فقال: قد أخبركم الله عن اليهود والنصارى وأنهم يأكلون الربا وأحل لكم طعامهم، وهذا فيما إذا جاءتك الهدية من صاحب المعاملة المحرمة مباشرة. أما إذا جاءتك بواسطة من تملكها بطريق مباح ثم أعطاك إياها هدية أو بمعاملة كما هو الحال في سؤالك فقبولها جائز و لا شيء عليك في ذلك؛ لكن إن كان أخذ مثل هذه الهدايا يتضمن ترويجاً للمحرمات أو دعاية لها أو يفضي إلى أن يشتبه حكمها على الناس فلا أرى لك قبولها, والله تعالى أعلم.

18-12-1424ه.