حكم سجود التحية، والتنبيه على كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور

قرأت في كتاب يسمى (بدائع الزهور في وقائع الدهور)، لما دخل نبي الله يعقوب إلى مصر مشى العسكر بين يديه حتى وصل إلى قصر ابنه يوسف، حيث كان وزير وعزيز مصر في ذلك الوقت، وعندما دخل القصر رفع يوسف أباه وخالته على سريره، وأمر العسكر أن يسجدوا لهما، وكان ذلك عادة

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فينبغي أن يعلم أن هذا الكتاب وهو (بدائع الزهور) ليس من الكتب المعتمدة بل هو حاطب لليل يذكر الغث والسمين والصحيح والباطل فلا يعتمد عليه، وأخبار بني إسرائيل أخبار قديمة لا يعتمد عليها إذا ما ثبت عن الله وعن رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ونص القرآن أن يوسف عليه الصلاة والسلام رفع أبويه على العرش، وهما أبوه وأمه لا خالته، بل أبوه وأمه؛ لأن الله قال: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا.. (100) سورة يوسف، فكانت السجدة ذاك الوقت مباحة للإكرام والتحية وليست للعبادة، وكما سجد الملائكة لآدم إكراما وتعظيما لا عبادة، فهذه السجدة ليست من باب العبادة ولكن من باب التحية والإكرام، وهي جائزة في شرع من قبلنا ولكن في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ممنوع ذلك؛ ولهذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها) وبين أن السجود لله سبحانه وتعالى فلا يُسجد إلى لله وحده سبحانه وتعالى، وقال -عز وجل- في آية آخر سورة النجم: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62) سورة النجم، وقال في سورة اقرأ : ..وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) سورة العلق، فالسجود لله وحده، وشريعة محمد عليه الصلاة والسلام هي أكمل الشرائع وأتمها فلا يجوز فيها السجود لغير الله لا تحية ولا عبادة، أما العبادة فلا تصح إلا لله وحده في جميع الشرائع؛ لأن الله جل وعلا قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ.. (23) سورة الإسراء، وقال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) سورة الذاريات، فالعبادة حق الله وحده في كل زمان ومكان، ولكن كان السجود فيما مضى يستعمل تحية وإكراما كما فعل أبوا يوسف وإخوته وكما فعلت الملائكة لآدم هذا من باب التحية والإكرام وليس من باب العبادة، وأما في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام فإن الله -عز وجل- منع من ذلك وجعل السجود لله وحده سبحانه وتعالى ولا يجوز أن يسجد لأحد لا للأنبياء ولا غيرهم، حتى محمد عليه الصلاة والسلام منع أن يسجد له أحد وأخبر أن السجود لله وحده سبحانه وتعالى، فعلم بهذا أن جميع أنواع العبادة كلها لله وحده سبحانه وتعالى، ومن أعظمها السجود فإنه ذلك وانكسار لله سبحانه وتعالى فهو من أفضل العبادات فلا يصرف لغيره من الناس لا للأنبياء ولا للجن ولا للإنس ولا لغيرهم، والله المستعان.