القول بأن الإسلام يقر بحرية العقيدة قول خاطئ

إذا كان الإسلام قد أقرَّ حرية العقيدة فلماذا يحارب الارتداد والوثنية والإلحاد؟

الإجابة

الإسلام لا يقر حرية العقيدة، الإسلام يأمر بالعقيدة الصالحة، ويلزم بها، ويفرضها على الناس، ولا يجعل.... حرية ما كان من الأديان، لا. القول بأن الإسلام يجيز حرية العقيدة هذا غلط، الإسلام يوجب توحيد الله والإخلاص له -سبحانه وتعالى- والالتزام بدينه، والدخول في الإسلام، والبعد عما حرم الله، وأعظم الواجبات وأهمها توحيد الله والإخلاص له، وأعظم المعاصي وأعظم الذنوب الشرك بالله -عز وجل-، وفعل ما يكفر العبد من سائر أنواع الإلحاد، والله -سبحانه- يقول: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا [(36) سورة النساء]. وقال -سبحانه-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [(23) سورة الإسراء]. ويقول -سبحانه-: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [(5) سورة الفاتحة]. ويقول –عز وجل-: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ [(2) سورة الزمر]. ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [(5) سورة البينة]. ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؛ ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله -عز وجل-). متفق على صحته. فبين الرب -عز وجل- وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجوب العقيدة، ووجوب الالتزام بشرع الله، وأنه لا أحد ..... في هذا، ليس له أن يختار دينا آخر، وليس له أن يعتنق ما حرم الله، وليس له أن يدع ما أوجب الله عليه، بل يلزمه ويفترض عليه أن يستقيم على دين الله، وهو الإسلام، وأن يوحد الله في العبادة، وأن لا يعبد معه سواه -سبحانه وتعالى-، وأن يؤمن برسوله محمد -عليه الصلاة والسلام-، ويستقيم على شريعته، ويوالي على هذا ويعادي على هذا، وأن يقيم الصلاة كما الله، وأن يؤدي الزكاة كما أمر الله، وأن يصوم كما أمر الله، ويحج كما أمر الله، وهكذا... يلتزم، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال يا رسول: أي الذنب أعظم؟ قال: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك). قال: ثم أي؟ قال: (أن تقتل ولدك خشيت أن يطعم معك). قال: ثم أي؟ قال : (أن تزاني بحليلة جارك). فأنزل الله في هذا قوله سبحانه : وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ [سورة الفرقان (68-70)]. الآية.. فدل ذلك على أن توحيد الله والإخلاص له، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتحريم القتل وتحريم الزنا أمر مفترض، لا بد منه، فليس لأحد أن يشرك بالله، ليس له أن يزني، ليس له أن يسرق، ليس له أن يقتل النفس بغير حق، ليس له أن يشرب الخمر، ليس له أن يدع الصلاة، ليس له أن يدع الزكاة وعند مال فيه زكاة، ليس له أن يدع الصيام وهو قادر في رمضان إلا في السفر والمرض، ليس له أن يترك الحج وهو قادر أن يحج مرة في العمر، إلى غير ذلك، فلا حرية في الإسلام، بل يجب أن يلتزم الإنسان العقيدة الصحيحة، ويدع ما حرم الله. نعم له حرية في الأمور المباحة التي أباح الله له، له حرية في الأمور المستحبة، التي لا تجب إذا شاء تركها لا بأس، والمباح إنشاء فعله وإن شاء تركه، أما ما أوجب الله عليه فيلزمه فعله، وما حرم الله عليه فيلزمه تركه، وليس له أن يعتنق الشيوعية أو النصرانية أو اليهودية أو الوثنية أو المجوسية ليس له ذلك، بل متى اعتنق اليهودية أو النصرانية أو المجوسية أو الشيوعية صار كافرا، حلال الدم والمال، يجب أن يستتاب، يستتيبه ولي الأمر، الذي هو في بلده، ولي الأمر المسلم، يستتيبه فإن تاب ورجع إلى الحق وإلا قتله؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من بدل دينه فاقتلوه). رواه البخاري في الصحيح. فمن بدل دينه من الإسلام إلى الكفر وجب أن يقتل، إذا لم يتب، فبهذا يعلم بأنه ليس للمسلم حرية أن يترك الحق وأن يأخذ بالباطل أبدا، بل يلزمه الاستقامة على الحق، ويلزمه ترك الباطل، وعليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينصح لله، ويدعو إلى الله –عز وجل-، وأن يحفظ ما كتب الله عليه، وأن يدعو الناس إلى ترك ما حرم الله عليهم، هذا أمر مفترض حسب الطاقة. المقدم: الذي نفهمه من هذا فضيلة الشيخ أن الإنسان مقيد ولا بد فإن لم يقيد بالإسلام وطاعة الخالق كان مقيدا بالهوى وطاعة المخلوقين؟ هذا صحيح، النفس فيها حركة، النفس إن لم تلتزم بالحق دعته إلى الباطل، واللسان كذلك إن لم يتكلم بالحق تكلم بالباطل، وهكذا الجوارح، فالعبد إن لم يلزمها ويأخذ عليها في الحق وإلا انقاد لهواها وباطلها وللشيطان فوقع فيما حرم الله عليه. فالمراد أن يلتزم ما أوجب الله عليه في لسانه وفي أفعاله وفي سائر شؤونه وأن لا يدع للشيطان مجالا وللنفس الأمارة بالسوء مجالا، بل يحارب ذلك،