علاج الوسوسة في الوضوء والصلاة

أصيب بالوسوسة في كثير من الأمور وأهمها الوضوء، حيث وصل به الحال إلى أن يترك من يتابعه ويعد مرات غسله لأعضائه، ويُناقش في الإجابة المتوقعة حتى أنه يقول: ستقول سماحة الشيخ اتقوا الله ما استطعتم، فكيف تكون استطاعتي؟ ويقول: إن مرضه لخصه الأطباء بأنه من الوسوس

الإجابة

هذه الوساوس التي يبتلى بها بعض الناس في الوضوء أو في الصلاة أو في غير ذلك كلها من الشيطان، والله أرشدنا سبحانه للتعوذ منه فقال عز وجل: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ)، فعليك أن تتعوذ بالله من شر هذا العدو دائماً، عند الوضوء وعند الصلاة وفي غير هذا من شئونك إذا هجم عليك بالوسوسة فهو عدوك، كما قال سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) سورة فاطر، ويقول عز وجل: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ.. (200) سورة الأعراف، فعليك أن تستعيذ بالله عند الوضوء عند الصلاة، حاربه محاربة قوية، فإذا توضأت فلا ترجع تقول: ما توضأت وأنت ترى يديك مغسولة ترى وجهك مغسول ترى رجليك مغسولة تُكذِّب عينك وترجع إلى طاعة الشيطان؟!! فاستقم إذا توضأت لا ترجع سواءٌ مرة أو مرتين أو ثلاث النهاية ثلاث، إذا غسلت العضو ثلاث مرات انتهى لا تزيد على هذا شيئاً، النبي -صلى الله عليه وسلم- ما زاد على الثلاث، وجاء عنه أنه قال: (من زاد فقد أساء وتعدى وظلم)، فليس لك الزيادة، إذا تمضمضت واستنشقت مرة أو مرتين أو ثلاث .....! ولا توسوس واحذر، وإذا غسلت وجهك ثلاثاً فهذا هو النهاية إذا مر الماء عليه ثلاث مرات، وهكذا إذا غسلت وجهك ويديك كذلك اليمنى واليسرى كل واحدة ثلاث، ويكفي مرة أن يعمها الماء أو مرتان يكفي، لكن الثلاث هي النهاية، ثم تمسح رأسك مع أذنيك مرة واحدة بالماء، ثم تغسل رجليك اليمنى ثلاثاً واليسرى ثلاثاً، ويجوز مرتين ويجوز مرة إذا عمها الماء، فلا تطع الشيطان لا بد من الحرب مع عدو الله، خليك قوي، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، لا تكن ضعيفاً للشيطان عدوك، لو جاء أحدٌ من الناس يخاصمك أو يطالبك بشيء ألا تكون قوياً في دفع الشر عنك بالخصومة، أو يريد ضربك ألا تكون قوياً في دفعه، هذا أعدى هذا خبيث يريد هلاكك يريد دخولك النار، فلا بد أن تكون قوياً في حربه في الوضوء في الصلاة وفي كل شيء، استحضر عقلك، اعرف أنك معادى وأنه خصمك وأنه عدوك وأنه حربٌ لك، فكيف تطاوعه؟ لا بد من قوة ولا بد من تعوذ بالله من الشيطان حتى تسلم من شره ومكائده، واسأل ربك العافية من شره، وكن قوياً لا تتساهل مع ذلك، ولا تمل إليه تقول: أخاف ما كمَّلت، لا، اجزم أنك كملت وأنك أديت الواجب، وانتقل إلى العضو الثاني وهكذا، وإذا كملت فلا تعد تقول ما توضأت أو ما صليت، لا، الحمد لله، اجزم بأنك فعلت حتى لا يهزمك عدوك، وحتى لا يستولي عليك ويجعلك ضمن المجانين، نسأل الله لك التوفيق والهداية. - هل تنصحونه بأوراد معينة سماحة الشيخ لعل الله سبحانه وتعالى يشفيه من هذا البلاء؟ ج/ ننصحه نعم، ننصحه بأن يقول بعد كل صلاة إذا فرغ من الذكر يقرأ آية الكرسي ويقرأ (قل هو الله أحد) مع المعوذتين بعد كل صلاة، فهذا من أسباب السلامة، ويكرر (قل هو الله أحد) والمعوذتين بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم يقرأ آية الكرسي أيضاً ويقرأ (قل هو الله أحد) والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم، كل هذا من أسباب السلامة، وإذا أحس بشيء يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، وإذا اشتد عليه ينفث عن يساره ثلاث مرات يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ويذهب عنه إن شاء الله إذا كان قوياً. - تركِّزون على القوة سماحة الشيخ؟ ج/ نعم، لا بد من القوة هو عدو والعدو يحتاج إلى قوة؛ لأن العدو إذا رأى من خصمه الضعف استولى عليه وهجم عليه وأخذ سلاحه، فلا بد يكون قوياً حتى يستطيع أن يرده ويصده عنه، بقوة إيمانه وقوة تقوه وثقته بالله وإيمانه به وأنه سبحانه مع من اتقى ومع من صلح الله يقول: ..وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) سورة البقرة، من اتقى الله فهو معه يعينه على عدوه، ويقول: ..وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) سورة الأنفال، يصبر على محاربته والقوة في جهاده حتى يسلم من مكائده. - تتعدد أوجه القوة سماحة الشيخ ذكرتم بعضاً منها الآن زيدوا أخانا لعل الله ينفعه بهذا اللقاء؟ ج/ يكون قوياً في كل شيء، قوياً في صلاته في صومه في وضوئه في ذكره لله، في تركه المحارم في حذره من الوساوس وجهاده لها وعلمه بأنها باطلة وأنها من عند عدو الله حتى يطرحها وحتى يعاديها وحتى يحذرها غاية الحذر، هكذا يكون المؤمن أبداً قوياً في أموره كلها. - ترون من أسباب القوة أو من القوة أن يبعد هؤلاء الذين يراقبونه عند وضوئه لا داعي لهم؟ ج/ نعم، لا حاجة إليهم، يبعدهم ولا يحتاج إلى هذا، مادام عاقل معه عقل، إذا كان مجنون ما له صلاة، مادام عنده عقل يعرف أنه عاقل فلا يدع الشيطان يغلب عليه، ولا يحضر أحداًَ يعد له لا في صلاته ولا في وضوئه، هو نفسه يعد، هو نفسه، ولا حاجة إلى أحد، إلا إذا كان يرى نفسه مجنون فالمجنون مرفوع عنه القلم.