علاج الاختلاط وغلاء المهور

السؤال: ما علاج الاختلاط الذي يجري في حفلات الزواج؟ وماذا يفعل أمام ارتفاع الصداق من الطرفين؟ وماذا يفعل الشاب إذا خاف على نفسه الزنا وهو ما زال يدرس ولا يريد قطع دراسته؟

الإجابة

الإجابة: بالنسبة للاختلاط فعلاجه كعلاج كل ظاهرة سيئة مخالفة للشرع هو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن، ومحاولة الشخص أن يُصلح نفسه وأن لا يشارك في هذه الظاهرة، فالظواهر إنما تنتشر بسبب اشتراك الناس فيها، فإذا قاطعها أكبر عدد من الناس فإنها لن تكون ظاهرة ولن تنتشر.

ولذلك إذا اتفق كل المصلين الذين تجمعهم بيوت الله ويمرون على الملائكة عند الأبواب ويُشهدون الله تعالى على أنفسهم على الالتزام لما أمرهم به ويسمعون ما أمر الله به وتمر بآذانهم هذه المواعظ وهذه الحكم وقد قامت عليهم الحجة لله تعالى ببرهان الله في قلوبهم، إذا اتفقوا جميعاً على أن يقاطعوا هذا النوع من الظواهر السيئة وأن يكونوا مُخرجين لبديلٍ صالح أحسن منه، ومُظهرين له وداعين إليه فإن هذه الظواهر ستتقلص.

لكن المشكلة أن كثيراً من المصلين الذين تعرفهم الملائكة على أبواب المساجد، والذين هم من أنصار الله إذا دُعوا إلى الله استجابوا، وهم بمثابة الحواريين في هذا العصر، والحواريون تعرفون جوابهم عندما قال لهم عيسى بن مريم: {من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله}، كثير من الحواريين في هذا العصر الذين نعرفهم في المساجد يُستضعفون إذا خرجوا من المساجد فلا يجدون في أنفسهم القدرة على الوقوف على مواقفهم ولا تنفيذ قناعاتهم إذا خرجوا من هذا المسجد وهذا مما لا ينبغي، ينبغي للحواريين الذين هم أنصار الله الذين تعرفهم الملائكة على أبواب المساجد إذا خرجوا من هذه المساجد أن يلزموا قناعاتهم وأن يقوموا لله بالقسط والعدل، وأن لا يشاركوا فيما لا يُرضي الله أبداً.

أما بالنسبة لارتفاع الصداق فهذه الظاهرة عالجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعندما جاءته المرأة فملَّكته نفسها، وصعَّد فيها النظر وخفضه حتى علموا أنه لا يريدها، قام إليه رجل فقال: يا رسول الله أنكحنيها، فقال: "هل معك شيء؟" فقال إزاري، فقال: "إذاً جلست بلا إزار"، فجلس، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمس ولو خاتماً من حديد"، فذهب فالتمس فجاء فقال: لم أجد، فقال: "أتحفظ شيئاً من كتاب الله؟" هل معك شيء من كتاب الله؟ قال: نعم لي سور جعل يعددها فقال: "أنكحتكها بما معك من القرآن".

فكان الصداق هنا القرآن، وكانت هذه أسرة كريمة طيبة مباركة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وليها وهو العاقد، وشهودها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل مجلسه، والطرفان فيها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصداق فيها القرآن فكانت أسرة كريمة مباركة وكانت قليلة التكاليف خرج الرجل بزوجته هكذا، وكذلك أنكح رسول الله صلى الله عليه وسلم أبنته فاطمة بأمر الله تعالى علياً رضي الله عنه، وكان لعلي ثلاث نياقٍ -جمع ناقة- كان يريد أن يُصْدِق فاطمة بهن، وكانت الخمر إذ ذاك مباحة قبل أن تحرم فسكر حمزة وقوم من الأنصار معه فنحروا النوق، فلم يبقَ لعلي ما يصدق به فاطمة، فصبر حتى خرج مجاهداً فأتى من الغنيمة بجزء بسيط جداً قليل، فأصدق به فاطمة رضي الله عنها، فاشترى به رسول الله صلى الله عليه وسلم كبشاً فأمره أن يولم عندما يدخل بأهله، وخرج له حارثة ابن النعمان عن حجرة كانت له مجاورة لحجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ذبح الكبش اتخذوا جلده فراشاً وكان الأمر بسيطاً مناسباً، وكانت هذه الأسرة من أعظم الأسر في تاريخ المسلمين، وهكذا في تاريخنا الطويل تعود المسلمون على أن يحاولوا أن لا يجعلوا النساء سِلعاً تُباع وتُشترى، وتذكرون قصة بلال رضي الله عنه حينما ذهب بأخيه إلى بيت من الأنصار فوقف بلال خطيباً فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "أما بعد، فأنا بلال وهذا أخي، كنا عبدين فاعتقنا الله، وكنا كافرين فهدانا الله، وكنا فقيرين فأغنانا الله، فإن زوجتمونا فلكم الشكر، وإن رددتمونا فلا عتب عليكم"، فقالوا: "والله لا نردكما" فزوجوهما، ونظير هذا كثير جداً.

فلذلك ينبغي للمسارعين إلى الخير والمتعاونين على البر والتقوى أن يسعوا لإعادة هذا المنهج الذي كان عليه سلف هذه الأمة، وأن يحاولوا أن يعيدوه، وليس ذلك على الله بعزيز فلا استحالة في رجوع الناس إلى هذا المنهج الذي لم يطبقوا منهجاً أحسن منه، ولم يروا في حياتهم أحسن منه فيعود الناس كما كانوا.

وهنا يقول: ماذا يفعل الشاب إذا خاف على نفسه الزنى وهو ما زال يدرس؟ حينئذ يجب عليه إذا كان يستطيع أن يجد من يزوجه أن يتزوج وإلا عليه أن يصوم، فالصيام كما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أغض للبصر وأحصن للفرج.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.