حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن

يسأل عن أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم؟

الإجابة

الله - سبحانه وتعالى - أنزل القرآن ليعمل به ، وليتدبر ويتعقل كما قال - عز وجل- : كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [(29) سورة ص]. ولم ينزله – سبحانه - للأكل به ، يقرأ ليعطى ويسأل به الناس ،لا، إنما أنزل للعمل به، وتعليمه للناس والأخذ مما فيه من الأوامر وترك النواهي ، أُنزل لهذا الأمر ، ولهذا قال –سبحانه - : وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [(155) سورة الأنعام]. إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [(9) سورة الإسراء]. الآية. فهو أنزل ليعمل به ليتعقل ويتدبر، ولم ينزل ليؤكل به وتُطلب به الدنيا. لكن تعليم الناس القرآن يحتاج إلى فراغ وإلى تعب وإلى صبر فجاز على الصحيح أن يعطى المعلم ما يعنيه على ذلك، وليس هذا من التأكل بالقرآن، لكن هذا من الإعانة على تعليم القرآن، فإذا وجد من يُعلم القرآن ويحتاج إلى مساعدة فلا بأس أن يعطى من بيت المال، أو من أهل المحلة أو أهل القرية ما يعينه على ذلك حتى يتفرغ وحتى يبذل وسعه في تعليم أبناء البلد ، أبناء القرية كتاب ربهم - عز وجل- ، هذا ليس من باب التأكل ولكنه من باب الإعانة على هذا الخير العظيم حتى يتفرغ للتعليم وحتى يكفى المؤونة ، حتى لا يحتاج إلى ضياع بعض الأوقات في طلب الرزق ، في طلب حاجته لبيته وأهله ، هذا كله من باب التعاون على البر والتقوى. وكذلك إذا قرأ على المريض يعطى أيضاً ، إذا قرأ على المريض ورقاه فلا بأس أن يُعطى لحديث: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله). ولقصة اللديغ الذي قرأ عليه بعض الصحابة واشترطوا جعلاً فأمضاه النبي -عليه الصلاة والسلام-. فالحاصل أنَّ إعطاء الطبيب الذي يقرأ على الناس ، الذي يعالج بالقراءة ، إعطاءه شيء في هذا الأمر لا بأس به ، كما يعطى المعلم ، وهذا كله من باب التعاون على ما ينفع الناس ، فالمعلم ينفع الناس بتعليمه وتوجيههم وإرشادهم ، والذي يقرأ على المريض كذلك يحتاج إلى مساعدة حتى يتفرغ لهذا الأمر ، ويقرأ على هذا وهذا وهذا، وقد جعل الله في كتابه شفاءً لمرضى القلوب ومرضى الأبدان ، وإن كان أنزل في الأصل والأساس لإنقاذ القلوب وتطهيرها من الشرك والمعاصي، وتوجيهها للخير لكن الله جعل فيه -سبحانه وتعالى- أيضاً شفاءً لأمراض الأبدان ، جعل كتابه العظيم شفاءً للقلوب ، وشفاءً لكثير من أمراض الأبدان إذا استعمله المؤمن مُخلصاً لله -عز وجل-، عالماً أنه –سبحانه- هو الذي يشفي، وأن بيده كل شيء -سبحانه وتعالى-، فإذا أعطي المعلم ما يعينه ، وأعطي الراقي الذي يعالج الناس بالرقية ما يعينه فلا بأس بذلك.