الإجابة:
قصة مؤثرة حقا ، ولكن يجب أن تنظري دائما إلى جانب التفاؤل في كل حدث
مكروه في الحياة ، هنا يكمن الحل ، ولكن أكثر الناس عن هذا غافلون
.
والنبي صلى الله عليه وسلم علمنا ذلك قال (
عجبا لامر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ،
وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا فأمره كله خير وليس ذلك لاحد إلا
المؤمن )
الامتحانات التي يمر بها الإنسان ، يجب أن
يرى فيها تدبير الله تعالى له ، وأن الله تعالى يريد ان يكمله ،
فيبتليه ، ليصبر وتكمل شخصيته الايمانية ، تماما مثل القائد العسكري
إذا أراد أن يرقي بعض الجنود ، بعث بهم إلى المعارك ، ليحاربوا
فيتعرضوا للأخطار ويسجلوا النصر
ثم تأتيهم الترقية ، وإذا أراد أن يهمل بعض الجنود تركهم في
المعسكر
كذلك المؤمن مع الله ، يعرضه الله للمعارك مع الحياة ومع الشيطان ،
فيصيبه الهم والغم وأذى الناس والمصائب ، فيصبر ويصبر ، فيحصل على
ترقية إيمانية عند الله ، الله اختاره ولو شاء الله لتركه ، لكن الله
تعالى اختاره ، ليدخل المعركة ، وإذا نظر العبد إلى أحداث الحياة من
هذه
الزاوية ، يجد فيها تحد مثير جدا ، وتنبعث في نفسه روح التحدي
والاصرار ، ويشعر بتشويق العلاقة مع الله تعالى ، وأن ثمة اختصاص ما ،
جعل الله تعالى يمتحنه ، ولم يتركه هملا ، هذه النظرة هي سر النجاح في
الحياة كلها ولكن اكثر الناس لايعلمون
اقرأي في جو إيماني وصافٍ في جنح الليل ، قصة مريم عليه السلام من
سورة مريم ، اقرئيها بتدبر وترتيل واجمعي قلبك، تأملي كيف أن فتاة
عذراء قليلة الحيلة ، قليلة التدبير ، من بيت صالح ، تحمل فجأة حملا
من غير زواج ، وتذهب تواجه الناس كلهم ، كل الناس ، وهي وحيدة ضعيفة
فتاة صغيرة ، لا حول لها ولاقوة ، وفي تجمهر عليها تشير إليها كل
الاصابع بالاتهام ، وهي واقفة واجمة صابرة ، لاتستطيع الكلام ، فتشير
بإصبعها في خوف وارتباك ، إلى الطفل في مهده ، وهنا تنجح في الامتحان
، ويكمل الله تعالى عنها بقية المعركة ، ويفتح عليها فتحا ، ويرفعها
على نساء العالمين
الله تعالى جعل لكل مبتلى مثلا في القرآن ، جعل لمن يبتلى الاعداء مثل
نوح ومحمد ، ومن يبتلى بالطواغيت موسى ، ومن يبتلى بالحساد يوسف ، ومن
يبتلى بالعشق يوسف أيضا ، ومن يبتلى بالمرض ايوب ، ومن يبتلى باتهام
الناس مريم عليها السلام وهكذا
إذا تعلق قلب العبد بالله تعالى ، واتخذ من الله تعالى وكيلا ، وفوض
أمره كله إليه ، فلن يبالي بكلام الناس ، لان الله تعالى سيملأ قلبه
ثقة بالله ، واطمئنانا إليه ، ويجعل الناس في عينه كالتراب : كما قالت
السيدة الصالحة رابعة العدوية رحمها الله :
فليت الذي بيني وبينك عامر ** وبيني وبين العالمين تراب
إذا صح منك الود فالكل هين ** وكل الذي فوق التراب تراب
أسأل الله تعالى أن ينقلك بهذه المحنة إلى درجات أعلى ، فترين في
ملكوت الإيمان عوضا عن كل مصيبة ، وفي رحاب التقوى بدلا صالحا عن كل
أذى
والله أعلم