النذر لله وثوابه للإمام

هل النذر الذي يعود أجره للأئمة حلال أم حرام، وصفته أن يقول صاحب النذر عند تأديته له يقول: النذر لله وثوابه للإمام الفلاني مثلاً؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا السؤال فيه إجمال، والنذور قسمان: قسمٌ شرعيٌ وقربة إلى الله - عز وجل -، وإن كان أصله ينهى عنه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يطع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي فلا يعصه)، لكن جنس النذر ينبغي أن يدعه المؤمن لقوله عليه الصلاة والسلام لما سأل عن النذور، قال: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل) متفق على صحته، وفي لفظ آخر في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- عن النبي-صلى الله عليه وسلم-: أنه نهى عن النذر، وقال: إنه لا يأت بخير وإنما يستخرج به من البخيل)، هذا يدل على أن جنس النذر لا ينبغي لأن فيه إلزام، وقد يشق على المسلم أداؤه، فينبغي له أن يدع النذر، لكن مثلاً إذا نذَر نذْر طاعة وجب عليه الوفاء، لأن الله -سبحانه- مدح المؤمنين بالنذر فقال -عز وجل-: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) سورة الإنسان، وقال -سبحانه-: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ (270) سورة البقرة، وقال عليه الصلاة والسلام: (من نذر أن يطع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، فإذا قال: لله عليه أن يصوم ثلاثة أيام أو يصوم شهر شعبان، أو يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس من كل أسبوع أو ما أشبه ذلك، فهذا كله نذر طاعة يجب عليه الوفاء، أو قال: لله عليه أن يصلي الضحى، أو هذه الليلة ركعتين أو أربع ركعات أو ما أشبه ذلك، هذا نذر طاعة، أو قال: لله عليه أن يتصدق بكذا وكذا على الفقراء والمساكين، هذا نذر طاعة، وإذا كان نوى بذلك أن هذا النذر صدقة عن أبيه أو أمه أو نفسه أو على ما نوى من نيته، أو نواه عن الإمام مالك، أو عن فلان أو فلان من أهل العلم فهو على نيته. لكن هنا أمر آخر ينبغي التنبه له: وهو أنه قد يقصد بالنذر غير الله، والتقرب إلى غير الله، كما يفعله بعض عباد القبور وعباد الأموات، فيقول: إن شفى الله مريضي، فللشيخ البدوي كذا من الطعام، فللشيخ عبد القادر الجيلاني كذا وكذا من النقود أو من الشمع هذا شركٌ بالله، لأن هذا نذرٌ لمخلوق، والنذر عبادة، والعبادة لله وحده، (قضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه)، (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدنيا حنفاء)، (وما خلفت الجن والإنس إلا ليعبدون)، فالنذر للمشايخ وأصحاب القبور أو للجن أو للكواكب والتقرب إليهم هذا من عبادة غير الله فلا يجوز، بل نص العلماء أنه من الشرك بالله - عز وجل -؛ لأن التقرب بهذه العبادة إلى غير الله من الأموات أو من الجن أو من المشايخ الأموات أو غيرهم الذين يتقربون إليهم بالنذور هذا لا يجوز، أما إذا تقرب به لله، وقال: لله علي كذا وكذا صدقة، بكذا دراهم، بكذا من الطعام ينويها عن نفسه أو عن أبيه أو عن أمه أو بعض أحبَّائه صدقة لله يتقرب إلى الله وحده - سبحانه وتعالى -، فهذا لا بأس به، ولكن تركه أولى، لأن الرسول نهى عن النذر، فينبغي تركه ويكره النذر مع كونه لله يكره، أما إذا أراد بالنذر لغير الله ليعتقد أن هذا الشيخ يشفي المريض، يرد غائب بما أعطاه الله من الولاية أو من الكرامة فلهذا ينذر له، ينذر للبدوي طعام، ينذر له عجل، ينذر له شاة، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو للدسوقي أو لفلان أو لفلان ممن يغلو فيهم الصوفية وغيرهم، هذا كله من الشرك بالله-عز وجل-، أو ينذر للجن أو يسألهم، يستغيث بهم،يسأل الجن، يستغيث بهم، يستعيذ بهم، أو يستغيث بالأموات يقول: يا فلان يا سيدي فلان انصرني أو اشف مريضي، أو رد غائبي أو أنا في حسبك، أو أنا في جوارك أو ما أشبه ذلك، كما يفعله عباد الأموات والقبور هذا لا يجوز، هذا من الشرك بالله - سبحانه وتعالى -. ومن النذور الباطلة -أيضاً- التي تحرم: أن ينذر أن يشرب الخمر أو يزني أو يعامل بالربا هذا نذور معصية، والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، واختلف العلماء هل فيه كفارة أم لا، على قولين، والأرجح أن نذر المعصية فيه كفارة، لا يعصيه ولكن عليه كفارة يمين،..........وكفارته كفارة يمين، فينبغي لمن فعل ذلك أن يتوب إلى الله وعليه كفارة يمين، إذا قال: لله عليه أن يشرب الخمر أو يزني أو يسرق أو يظلم فلان بغير حق، فهذا نذر باطل ومنكر ومعصية ولا يجوز فعله وعليه كفارة اليمين، هذا الصحيح.