الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأنصحك أولاً بالبعد عن هذه النظرة القاتمة تجاه المجتمع من حولك،
فالناس وإن ظهرت منهم بعض المظاهر السيئة ففيهم خير كثير ولله الحمد،
ولا ينبغي أن تعمم هذا الحكم السيء على عموم المسلمين، وقد جاء في
صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى عليه وسلم أنه
قال: "من قال هلك الناس فهو
أهلكهم"، وبخصوص ما سألت عنه فيجب عليك الالتزام بأحكام
الشريعة بغض النظر عن التزام من حولك بذلك، فأنت مسؤول عن نفسك ولا
تحاسب عن عمل غيرك، يقول الله تعالى: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس
ما عملت وهم لا يظلمون}، فالخيانة والسرقة وأكل المال بالباطل
كلها من كبائر الذنوب ولو تقاطر الناس على فعلها، ويزداد الذنب سوءً
وقبحاً إذا كان المال المسروق من المال العام الذي يتعلق به حقوق
العامة من الفقراء والمستضعفين والأرامل والأيتام وغيرهم، وفي صحيح
البخاري عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقول: "إن رجالاً يتخوضون في مال
الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة"، و"مال الله" يدخل فيه المال العام دخولاً
أولياً.
ويحرم عليك كذلك استخدام وسائل النقل في تنقلاتك الخاصة لأنك لا
تملكها، فهي أمانة في يدك فلا يحق لك استعمالها في غير ما أذن لك
فيه.
وفيما يتعلق غيابك عن العمل فإن كان لا يؤثر على سير العمل، وأذن لك
رئيسك المباشر وهو يملك صلاحية الإذن فلا حرج عليك إن شاء الله، أما
إذا اختل أحد الشرطين السابقين فيحرم عليك الغياب والتأخر لأن هذا من
الإخلال بالعقد الذي بينك وبين الجهة التي تعاقدت معها، وقد قال الله
تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا
بالعقود}، وعليك أن تعرف أن الأحكام لا تؤخذ من نظرة الناس أو
عرفهم وإنما من الشريعة المطهرة، فلو تعارف الناس على استحسان المعصية
واستهجان الطاعة فلا عبرة بذلك بل المرجع إلى حكم الله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله
أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}، وفقنا الله وإياك لكل
خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله
تعالى.