حكم الصلاة في الجامع الذي فيه قبر

هل تجوز الصلاة في الجامع الذي فيه قبر؟ أفتونا بارك الله فيكم.

الإجابة

الصلاة في المساجد التي فيها قبور لا تصح، كل جامع فيه قبر أو مسجد فيه قبر، ولو كان ليس بجامع ولو كان لا تقام فيه الجمعة، المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، ولا تصح الصلاة فيها، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). رواه مسلم في صحيحه. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين وأم سلمة أم المؤمنين أيضاً ذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور ، فقال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله). فجعلهم بهذا العمل من شرار الخلق عند الله ، وهو بناؤهم للمساجد على القبور، وتصويرهم الصور فيها، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ذلك ، وأن لا يبنوا على القبور ، وأن لا يتخذوها مساجد وأن لا يجعلوا فيها بناء ولا قبة ، بل تكون ضاحية مكشوفة ليس عليها بناء بالكلية ، هذا هو المشروع ، هذا هو الواجب، أما البناء عليها ، أو اتخاذ القباب عليها ، أو المساجد ، فكل هذا منكر، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). قالت عائشة - رضي الله عنها -: يحذر ما صنعوا. وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، فدل ذلك على أن هذا من الكبائر، من كبائر الذنوب، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، فساد الصلاة عند القبور ، وفي المساجد المبنية عليها، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها). وفي حديث جابر عند مسلم في صحيحه، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه. فنهى عن هذا وهذا، عن التجصيص للقبور، وعن البناء عليها، وعن القعود عليها، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله وما نهى عنه رسوله عليه الصلاة والسلام ، وليس لهم أن يصلوا في المساجد التي اتخذت على القبور؛ لأن الرسول نهى عن ذلك ، ولعن من فعله - عليه الصلاة والسلام -، والصلاة عندها اتخاذ لها مسجد، ولو لم يبن مسجد، كونه يصلي عند القبور معناه أنه اتخذها مسجدا، ولا ريب أن الصلاة عندها، والدعاء عندها، تحري الدعاء عندها، تحري القراءة عندها، كل هذا من أسباب الشرك ومن وسائله، فالواجب الحذر من ذلك ، وإنما تزار ، يزورها المسلم ، ويدعو للميتين ولنفسه معهم، يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم. ونحو هذا الدعاء، يدعو لهم ولنفسه معهم، غفر الله لنا ولكم، نسأل الله لنا ولكم العافية ، ثم ينصرف، لا يجلس عندها للقراءة أو الدعاء عندها ، ولا يطوف بها فهذا منكر، والطواف على القبور بقصد التقرب إلى الميت هذا من الشرك الأكبر، مثل الدعاء، كما لو قال: يا سيدي أغثني، المدد المدد، انصرني، اشفني، هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر. وكثير من الدول الإسلامية يوجد فيها قبور قد اتخذ عليها مساجد ، فالواجب الحذر من ذلك ، والواجب على ولاة الأمر أن يزيلوا ذلك ، وأن تبقى القبور ضاحية مكشوفة ليس عليها أبنية، كما كان الحال في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في البقيع، وفي بقية مقابر المسلمين في البلاد الإسلامية، وإنما حدث هذا، حدث حادث البناء بعد ذلك في القرن الثاني وبعده بسبب الرافضة والغلاة الذين غلو وتشبهوا بالرافضة في ذلك حتى وقع ما وقع من إدخال المساجد على القبور ، واتخاذ القباب وحتى وقع الشرك بالموتى وسؤالهم والاستغاثة بهم والنذر لهم، بسبب هذا الغلو، نسأل الله للجميع العافية والسلامة والهداية. وقد يحتج بعض الناس على هذا العمل المنكر بوجود قبر النبي – صلى الله عليه وسلم - في مسجده المدينة، والجواب عن هذا: أن القبر ليس في المسجد، وإنما هو في بيت عائشة، الصحابة دفنوه - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة، ثم دفنوا معه الصديق وعمر في بيت عائشة، ولم يدفن في المسجد - عليه الصلاة والسلام -، ولكن الوليد بن عبد الملك لما وسع المسجد أدخل القبور في المسجد، وهذا غلط ما كان ينبغي إدخال بيت عائشة في المسجد، فظن بعض الناس أن هذا دليل على جواز اتخاذ القبور في المساجد، أو البناء على القبور، وهذا غلط ، لا يجوز البناء على القبور ، ولا اتخاذها مساجد، ولا الدفن في المساجد، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم المساجد على القبور، ونهى عن الصلاة إلى القبور، فالواجب الحذر مما نهى عنه - عليه الصلاة والسلام – وأن لا يغتر أحد بوجود قبره - صلى الله عليه وسلم - وقبر صاحبيه في المسجد، إنما لأن هذا شيء محدث أحدثه بعض الأمراء كما تقدم لما وسَّع المسجد، وأما الصحابة لم يفعلوا ذلك، إنما دفنوه في بيت عائشة، ولكن أدخل البيت في التوسعة، فدخلت القبور من أجل ذلك، فهي في البيت وليست في المسجد، وهي محاطة بفاصل وحاجز عن المسجد.