حكم الاستغاثة بغير الله

السؤال: 1- فهمت من شرح أحد العلماء على كتاب التوحيد أن التفريق بين الشرك الأصغر والشرك الأكبر يرجع إلى الاعتقاد وحال الإنسان، فإن اعتقد في الخرزة مثلا أنها سبب لدفع الضر، فهذا شرك أصغر، أما إن اعتقد أنها تدفع الضر بنفسها استقلالا عن الله عندها يكون شركا أكبر مخرجاً من الملة. الأمر ذاته متحقق في الاستغاثة، فكثير من المستغيثين بالولي الميت يعتقدون أنه لا ينفع استقلالا بل هو سبب لدفع الضر عنهم، وهذا حال كثير منهم. فلم لا يكون شركاً أصغر؟ 2- بحثت في أقوال العلماء في الاستغاثة، فوجدت كثيراً من العلماء السابقين ينهون عن الاستغاثة بغير الله، ولكن أقصى ما ذهبوا إليه هو الحرمة ولم يقل أحد منهم إنها شرك مخرج من الملة، ولم أقع على قول أحد قبل شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إنها شرك أكبر مخرج من الأمة، ونحن نعلم قول الإمام أحمد: (إياك أن تتكلم في المسألة وليس لك فيها إمام).. فمن هو سلف الشيخ في هذا الحكم؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
الاستغاثة بالأموات شرك أكبر مخرج من الملة، وقد سمى الله دعاءَ غيره شركاً وكفراً فقال سبحانه: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ. لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} [العنكبوت:65-66].

وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ. إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر:13-14].

قال ابن عقيل (ت 513ه): "لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرك إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم.. قال: وهم كفار عندي بهذه الأوضاع مثل: تعظيم القبور وإكرامها بما نهى الشرع عنه، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا" (تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 455).

والاستغاثة والاستعانة والاستعاذة معان متقاربة، وقد قال إمام الأئمة ابن خزيمة (ت 311ه): "أفليس العلم محيطاً -يا ذوي الحجا- أنه غير جائز أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتعوذ بخلق الله من شر خلقه؟ هل سمعتم عالماً يجيز أن يقول الداعي: أعوذ بالكعبة من شر خلق الله. هذا لا يقوله ولا يجيز القول به مسلم يعرف دين الله" (التوحيد 1- 401).

أفيقال بعد هذا أن ذلك من مفردات ابن تيمية!!

والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
16-7-1428ه.

المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.