لا يجوز للرجل أن يضرب زوجته بغير عذر شرعي، وليس له ضرب أمها أبداً ، هذا عدوان ، ليس له ضرب أمها ولا جدتها ولا أخواته ، لكن إذا كان له حقٌ عليهن يشتكي للمحكمة ، أما أن يضربهن كذا باختياره ، لا ، إذا كان له حق على الوالدة أو على أخت الزوجة أو على عمتها أو على أبيها يرتفع إلى المحكمة ، إلى الجهات المسئولة ، أو يتسامح معها ، أو ترضيها هي بشيء حتى يصطلحوا، وأما المرأة فليس له ضربها إلا بعذر شرعي كالنشوز ، إذا نشزت عليه ، ولم ينفع في هذا الوعظ ، ولا الهجر ، ضربها ضرباً غير مبرح ، ضرباً خفيفاً ؛ لقول الله - سبحانه -: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً [(34) سورة النساء]. ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) . وأذن في ضربهن ضرباً غير مبرح إذا عصين. فالحاصل أن الرجل له ضرب امرأته إذا عصته ونشزت عليه ، ولم يتيسر إصلاحها بغير الضرب ، فإنه يضربها ضرباً خفيفاً ، يردعها عن العصيان ، ولا يضربها بجرحٍ ولا كسرٍ للآية الكريمة ، والحديث الشريف. أما أن يضربها بغير حق من أجل هواه ، أو من أجل غضبه وهي لم تفعل ما يوجب الضرب ، فهذا لا يجوز له ، ولا ينبغي له ، وهذا من سوء المعاشرة ، والله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [(19) سورة النساء]. وينبغي له أن يتحمل ما قد يقع منها من بعض الخلل ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج). وفي اللفظ الآخر: (وإن ذهبت تقيمه كسرتها، وكسرها طلاقها). فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أوصى بهن خيراً ، قال: (استوصوا بالنساء خيراً) . وبين أنه لابد من عوج ، فينبغي الصبر والتحمل ، وعدم التشديد ، وعدم تدقيق الحساب فيما يتعلق بأخطائها ، يكون عنده كرم ، وعنده خلق جيد ، وحلم ، يتحمل ، فلا يعاقب على الصغيرة والكبيرة ، وعلى كل شيء، لا ، بل ينصح ، ويعظ ويذكر ، أو يهجر عند الحاجة ، يهجرها في الفراش ، أو يعطيها ظهره أياماً أو ليالي ، ثم إذا صلحت رجع عن الهجر وترك الهجر ، فإذا لم تجزئ الموعظة ولم ينفع الهجر ضربها ضرب غير مبرح ، عند عصيانها له ، وإيذائها له، ضرباً خفيفاً ، ليس فيه خطر ، لا جرح ولا كسر. والمقصود من هذا أن الواجب عليه أن يعاشر بالمعروف ؛ كما قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [(19) سورة النساء]. وقال عز وجل: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [(228) سورة البقرة]. فليتقِ الله ، وليرحمها ، وليحذر التشديد ، والتكلف ، والتعنت ، وليكن حليماً ، جواداً ، كريماً ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (خياركم خياركم نسائهم ، وأنا خيركم لأهلي - صلى الله عليه وسلم -) . فعليك يا أخي أن تتأسى برسولك في الصبر وفي الحلم ، والخلق الكريم مع أهله - عليه الصلاة والسلام -، تتغافل عن بعض الزلات السهلة ، ولا تدقق في الحساب على بعض الزلات، بل تسمح عن الكثير الذي لا يضرك ، لكن تجتهد في كونها تطيع الله وتستقيم على دين الله ، وتحرص عليها في ذلك حتى تكون تقية مؤمنة مستقيمة على دين الله. وأما ما يحصل من تقصير في حقك فعليك أن تلاحظ السماح عليها في المعروف ، وعدم التشديد في ذلك، وأنت على أجرٍ عظيم ، وتحمد العاقبة ، وهي ربما انتبهت وحاسبت نفسها ورجعت عن تقصيرها بسبب حلمك وإحسانك ، وفعلك الطيب ، وكلامك الطيب، وفق الله الجميع.