حكم تارك الصلاة

نرجو أن تتكرموا بإفادتنا عن قضية تارك الصلاة يكفر أو لا يكفر؟ نريد منكم تفصيلاً كاملاً حول هذا، ونريد سرد الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأقوال الصحابة في ذلك، جزاكم الله خيراً؛ لأن هذا الموضوع شغل بال الكثير من المسلمين؟ وفقكم الله.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فهذه المسألة من المسائل العظيمة التي اختلف فيها العلماء، وهي مسألة ترك الصلاة تهاوناً، وكسلاً، لا عن جحد لوجوبها، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك؛ لأدلة كثيرة منها قوله -جل وعلا-: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) الآية(42-44) سورة المدثر، ومنها قوله -جل وعلا-: (فَإِن تَابُواْ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّين) (11) سورة التوبة، فدل على أن من لم يصلي ليس بأخٍ في الدين، وإن لم يجحد الوجوب، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه مسلم في صحيحه، وهذا كفرٌ معرفٌ "بأل"، وشركٌ معرف "بأل" يدل على أنه كفرٌ أكبر، وشركٌ أكبر، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة)، فشيء ترك عموده لا يبقى بل يسقط، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الأمراء الذين يحدثون في الدين ويغيرون: (أفنقاتلهم؟ قال: لا، ما قاموا فيكم الصلاة)، وفي اللفظ الآخر قال: (لا، حتى تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان)، فجعل ترك الصلاة من الكفر البواح الذي يوجب كفر من فعله، وقد ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، فحكى عن الصحابة جميعاً أنهم يرون ترك الصلاة كفر، ولم ينقل عنهم اشتراط جحد الوجوب، فدل ذلك على أن تركها من غير جحد الوجوب كفر، وإطلاق الكفر في هذا المقام يقتضي أنه كفرٌ أكبر؛ لأن هناك أعمالاً عند الصحابة تركها كفر، وفعلها كفر لكنه ليس كفراً أكبر، مثل الطعن في النسب والنياحة على الميت سماه النبي كفراً ولكنه كفرٌ أصغر، وهكذا البراءة من النسب سماه النبي كفراً وبراءة الإنسان من أبيه (وإنه لكفر بكم أن تتبرؤوا من آبائكم) وهو كفرٌ أصغر، فدل على أن الكفر الذي حكاه عبد الله بن شقيق عن الصحابة أنه كفرٌ أكبر، وقال عمر -رضي الله عنه-: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة) هذا القول هو أصح القولين وأرجح القولين من جهة الدليل، ما من جحد الوجوب فهو كافر عن الجميع، من جحد وجوب الصلاة فهو كافر عند الجميع، وإن صلى مع الناس، لأنه مكذب لله ولرسوله إذا جحد الوجوب، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يبادر ويسارع إلى الصلاة، ويحافظ عليها في أوقاتها وأن يتقي الله في ذلك وأن يحذر أن يكون مع الكافرين ومن ضمن الكافرين، ولا يدري، فالصلاة عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فالواجب على المسلمين جميعاً أن يحافظوا عليها، وأن يعتنوا بها وأن يؤدوها في أوقاتها، وأن يصليها الرجل في الجماعة في مساجد الله، طاعة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وحذراً مما وصف به من تركها من الكفر، ونسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية، والعافية من كل بلاء. جزاكم الله خيراً