تكفير ما مضى من ذنوب ومعاصي

أكتب إليكم بهذه المسألة التي تعذبني ليلاً ونهاراً، وذلك أنني أحببت فتاةً تعمل معي في نفس المكان الذي أعمل به، وهي كذلك أحبتني، وقد اتفقنا على الزواج، ولكن قبل الزواج لعب بنا الشيطان وعملنا عملاً ينافي الإسلام والدين، وبعدما سافرت إلى بلاد بعيدة ثم رجعت فخطبتها وتزوجتها، والحمد لله، نحن سعداء الآن، ولكن نريد أن تدلونا على أمرٍ نكفِّر به عما حصل منا، وهل يؤثر هذا على زواجنا القائم حالياً؟ أفيدونا أفادكم الله

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله نبينا وإمامنا وسيدنا وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان أما بعد.. فلا ريب أن اتصال الرجل بالمرأة قبل الزواج أمر محرم، وليس له أن يتصل بها لا بقبلة ولا لمس ولا غير ذلك، وليس لها أن تتصل به وليس له أن ينظر إلى عورتها وليس لها أن تنظر إليه قال الله عز وجل: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ.. الآية (30-31) سورة النور، وقال عز وجل: ..وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ.. الآية (53) سورة الأحزاب. فالذي فعلتم سابقاً منكر وعليكم التوبة إلى الله من ذلك، عليك وعليها التوبة إلى الله سبحانه مما فعلتما من الاتصال والمباشرة، والتوبة تجبُّ ما قبلها، متى تاب كل منكما توبة صادقة مضمونه الندم على الماضي والعزيمة أن لا تعودا في ذلك هذا يكفر الله به ما مضى، حتى الكفر إذا تاب الكافر وأسلم تاب الله عليه، فهكذا المعاصي إذا تاب منها المسلم بالندم على الماضي والإقلاع منها والحذر منها تعظيماً لله سبحانه وحذراً من عقابه والعزم عزماً صادقاً على عدم العود تاب الله عليه، وإن كان الذنب يتعلق بحق المسلم في ماله أو دمه أو عرضه استحله من ذلك أو أعطاه حقه. فالحاصل أنك أنت والمرأة عليكما التوبة مما مضى، والتوبة تجبُّ ما قبلها وذلك بالندم على ما فعلتما سابقاً وعدم العود إلى ما حرم الله عليكما، والعزم الصادق على أن لا تعودا في مثل ذلك. أما النكاح فلا يتأثر بالماضي، النكاح إذا استوفى شروطه فلا بأس، ونسأل الله أن يجعله نكاحاً مباركاً، والحمد لله على السلامة من أسباب غضب الله عز وجل. وهذا الذي سألتما هذا من آثار الخلطة، فإن وجود المرأة مع الرجل في المكتب من أسباب وقوع الفاحشة؛ ولهذا نص العلماء على تحريم عمل المرأة مع الرجل في مكتب واحد وعمل واحد يتمكن من الخلوة بها والنظر إليها والنظر إلى ما حرم الله منها ونظرها إليه نظر الشهوة والفتنة، هذا من المحرمات، ومن الواجب الحذر منه وتركه، فالمرأة لها أعمال تكون مع أخواتها ومع جنسها، والرجل له أعمال مع إخوانه وجنسه، أما خلطهما وجعلهما في مكتب واحد وفي عمل واحد فهو يفضي إلى شر كثير وإلى فساد عظيم يجب الحذر منه، وهكذا السكرتيرة في المكاتب أو لمدير أو للطبيب أو ما أشبه ذلك كلها أمور منكرة كلها محرمة كلها مفضية إلى الفساد والزنا والفاحشة، فيجب الحذر من ذلك، يجب على حكام المسلمين وعلى أولياء الأمور أن يحذروا هذه الأمور المنكرة، وأن يجعلوا النساء مع النساء والرجال مع الرجال. فالسكرتير يكون للرجل رجلاً ويكون للمرأة امرأة فالطبيبة تكون معها النساء وتكون مع النساء والممرضة كذلك مع النساء، وهكذا الممرض والطبيب يكون للرجال، المقصود أن الواجب إبعاد هذا عن هذا والحذر من قرب هذا من هذا، ولاسيما في الأعمال التي يتصل فيها الرجل بالمرأة ويخلو بها، فإن شرها عظيم وعاقبتها وخيمة، والله المستعان.