تلقين الميت بعد وضعه في قبره

السؤال: من العادات المعروفة والمشهورة عندنا تلقين الميت بعد وضعه في قبره وبعد أن يوارى عليه التراب، ونرى أن معظم العلماء على هذا وبعضهم لا يلقي له بالاً - أعني‏:‏ علماء بلدنا - ويستشهدون على ذلك بأنه قد ثبت عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما توفي ابنه إبراهيم أنه وقف عليه الصلاة والسلام عند قبره ولقنه فقال أحد الصحابة‏:‏ يا رسول الله أنت خير الخلق وبعد وفاتك من يلقننا‏؟‏ فقال لهم‏:‏ ‏{‏ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ ‏[‏سورة إبراهيم‏:‏ آية 27‏]‏ الآية‏.‏ ‏ ما مدى صحة هذا الخبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم‏؟‏ وإذا كان التلقين مشروعًا ما هي صيغته وكيفيته‏؟‏ ونرجو أن تقرنوا الإجابة بالأدلة المقنعة ما أمكن ذلك‏.‏ وجزاكم الله خيرًا‏؟‏

الإجابة

الإجابة: التلقين المشروع هو تلقين المحتضر عند خروج روحه بأن يلقن‏:‏ لا إله إلا الله، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله‏" ‏[‏رواه الإمام مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‏]‏ يعني عند الاحتضار لتكون هذه الكلمة العظيمة آخر كلامه من الدنيا حتى يلقى الله تعالى بها، ويختم له بها، فيلقن هذه الكلمة وهو في الاحتضار برفق ولين، وإذا تلفظ بها فإنها لا تعاد عليه مرة أخرى إلا إذا تكلم بكلام آخر، فإن تكلم بكلام آخر فإنها تعاد عليه برفق ولين ليتلفظ بها، وتكون آخر كلامه، هذا هو التلقين المشروع‏.‏
أما بعد خروج الروح فإن الميت لا يلقن لا قبل الدفن ولا بعد الدفن، ولم يرد بذلك سنة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، وإنما استحب تلقين الميت بعد دفنه جماعة من العلماء، وليس لهم دليل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الحديث الوارد في ذلك مطعون في سنده، فعلى هذا يكون التلقين بعد الدفن لا أصل له من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما قال به بعض العلماء اعتمادًا على حديث غير ثابت‏.‏
فالتلقين بعد الدفن لا أصل له في السنة، وإنما التلقين المشروع هو عند الاحتضار، لأنه هو الذي ينفع المحتضر ويعقله المحتضر لأنه مازال على قيد الحياة ويستطيع النطق بهذه الكلمة وهو لا يزال في دار العمل، أما بعد الموت فقد انتهى العمل‏.