طلب العلم وخشية الرياء

إذا حفظ إنسان علماً من علوم الدين؛ لكي يقوم بدوره في القرية التي يسكنها، وحفظ القرآن لكي يصلي بالشباب صلاة قيام رمضان في اليوم بجزء، هل يكون هناك شيء من الشرك الأصغر؟ مع العلم أنني عندما كنت في قريتي أقوم بالخطبة والوعظ في القرى المجاورة، وأصلي بالشباب صلاة القيام بالمصحف، وأريد من ذلك أن أتوسع في العلوم، ولكي استغني عن المصحف في القراءة؟ أرجو توجيهي، جزاكم الله خيراً؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فمن المعلوم بالأدلة الشرعية أن طلب العلم ، والتفقه في الدين من أفضل القربات ، ومن أفضل الطاعات ، وهكذا دراسة القرآن الكريم ، والعناية بالإكثار من تلاوته ، والحرص على حفظه أو ما تيسر منه ، كل ذلك من أفضل القربات ، فإذا قمت بما ينبغي من تعليم أهل قريتك ، وتوجيههم ، والصلاة بهم ، والصلاة بالشباب ، وغيرهم من أهل القرية في رمضان ، فكل هذا عمل صالح ، تشكر عليه وتؤجر عليه ، وليس ذلك من الرياء ، وليس من الشرك إذا كان قصدك وجه الله ، والدار الآخرة ، ولم ترد رياء الناس ، ولا حمدهم ولا ثناءهم ، وإنما أردت بذلك أن تنفعهم ، وأن تتزود من العلم والفقه في الدين ، وإنما يكون شركاً أصغر إذا فعلت ذلك رياءً للناس ، وطلباً لثنائهم ؛ كما قال النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام -: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر). فسئل عنه؟ فقال: (الرياء، يقول الله يوم القيامة للمرائين: اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء؟). فالرياء هو أن تعمل العمل من أجل رياء الناس حتى يشاهدوك ويثنوا عليك ويمدحوك ، ومن ذلك السمعة كأن تقرأ ليثنوا عليك ويقولون إنه جيد القراءة ويحسن القراءة أو تكثر من ذكر الله ليثنوا عليك ويقولوا يكثر من الذكر أو تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بقولك لتمدح وثنى عليك هذا هو الرياء ، وهذا هو الشرك الأصغر. فالواجب الحذر من ذلك ، وأن تعمل أعمالك لله وحده ، لا لأجل مراءة الناس ، وحمدهم وثنائهم، ولكن تعلم إخوانك وتصلي بهم ترجو ما عند الله من المثوبة، وتقصد بذلك نفعهم ، لا رياءً ولا سمعة ، وإذا قرأت من المصحف فلا بأس أن تصلي بإخوانك من المصحف في رمضان كان مولى عائشة - رضي الله عنها - يصلي بها من المصحف. فالحاصل أنه لا بأس أن يقرأ القرآن، أن يقرأ المصلي القرآن من المصحف في قيام رمضان إذا كان لا يحفظ ، وإن حفظه وقرأ عن ظهر قلب فهو أفضل وأحسن ، ولكن لا حرج من القراءة في المصحف عند الحاجة إلى ذلك ، هذا هو الصواب ، وفق الله الجميع لما يرضيه. المقدم: جزاكم الله خيراً ، فهمت جانباً آخر - سماحة الشيخ - من رسالة أخينا هو أنه يريد الاستفادة من صلاته بالناس كقراءته للقرآن ومذاكرته ، وأيضاً أن يكسب أجر إمامته للناس؟ الشيخ: كل ذلك طيب ، كونه يقصد نفعهم، ويقصد الصلاة بهم وإعانتهم على الخير، ويقصد مع هذا أن يستفيد، وأن يقوى حفظه للقرآن ، وأن تكثر معلوماته ، كل هذا طيب ، وكلها مقاصد حسنة، ليس فيها رياء. المقدم: ليس فيها رياء ، وهذا هو المقصود جزاكم الله خيراً..